هل بدأ بزوغ دولة “إمارة النصرة” مع تراجع دولة “الخلافة” ؟

جبهة النصرة

تساءلت صحيفة “التايمز” عما سيحدث بعد هزيمة “تنظيم الدولة الإسلامية”، أو انسحابه من المناطق التي يسيطر عليها في سوريا، وقالت “التايمز” إن هناك احتمال ظهور ما وصفته بـ”دولة جهادية”، أخرى في سوريا بعد سيطرة “جبهة النصرة”، المرتبطة بتنظيم القاعدة، على أجزاء كبيرة من البلاد، وأضافت الصحيفة أن “النصرة” تسيطر على بعض المناطق السورية.

وبحسب تقرير “التايمز” فقد استولت جبهة النصرة على مساحات واسعة من محافظة إدلب شمالي سوريا منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، سواء عن طريق التعاون مع جماعات أخرى من المعارضة المسلحة أو بعد محاربتها، ونقلت الصحيفة عن ناشطين معارضين قولهم إن جبهة النصرة بدأت الأسبوع الماضي بتوسيع نطاق سيطرتها إلى مدينة حلب، وهي من آخر المناطق شمالي سوريا التي توجد فيها ما يعرف بـ”المعارضة المعتدلة”.

ظهور دولة مصغرة جديدة

وقالت “التايمز” إن ظهور دولة مصغرة جديدة إلى جانب “خلافة” تنظيم “الدولة الإسلامية” يجعل الغرب “في حالة يرثى لها”، وأشارت إلى أن مسلحي جبهة النصرة هاجموا الخميس الماضي “حركة حزم” المسلحة، وهي مجموعة مدعومة من الغرب حصلت على بعض صواريخ مضادة للدبابات من الولايات المتحدة، ولكنّ ناشطين في حلب قالوا إن جبهة النصرة بدأت تخسر جزءًا من شعبيتها، بعدما بدأت تركز على مهاجمة مجموعات معارضة، بدلًا من التركيز على القتال ضد حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، وفقًا لتقرير “التايمز”.

سحب عدد من مقاتلي “داعش” وعتاده

ونقلت “رويترز” عن مقاتلين وسكان من مناطق شمال شرقي مدينة حلب السورية، أن تنظيم “داعش” بدأ يسحب بعضًا من مقاتليه وعتاده من شمال شرقي حلب، مما يزيد من المؤشرات على الضغوط التي يتعرض لها التنظيم في المحافظات السورية، وقال المقاتلون والسكان إن التنظيم الذي خسر أرضًا أمام القوات الكردية، وقوات الحكومة السورية في مناطق أخرى من سوريا سحب مقاتليه وعتاده، من عدة قرى في مناطق شمال شرقي حلب لكنه لم ينسحب بشكل كامل من المنطقة.

وطبقًا لبيان “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، الذي يرصد الحرب في سوريا باستخدام شبكة مصادر على الأرض، فإن “تنظيم الدولة” أعاد نشر قوات من محافظة حلب للانضمام للمعارك شرقًا مع القوات الكردية، وجماعات أخرى من مقاتلي المعارضة، وتمثل المناطق التي يسيطر عليها التنظيم شمال شرقي حلب الطرف الغربي من المنطقة التي توسع التنظيم فيها بشكل سريع في سوريا والعراق، بعد أن سيطر الجهاديون على مدينة الموصل العراقية.

الطرد من “كوباني”

وكان “تنظيم الدولة” تكبد في الشهر الماضي، أول انتكاسة كبرى له في سوريا منذ الصيف الماضي، بعد طرده من مدينة “كوباني” التي يغلب على سكانها الأكراد، على يد ميليشيا كردية تدعمها ضربات جوية تقودها الولايات المتحدة، وتنفذ قوات الحكومة السورية حملة منفصلة ضد التنظيم وكبدته خسائر في الآونة الأخيرة، وقال زعيم أحد فصائل المعارضة المسلحة الرئيسة مستشهدًا بمصادر في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم قرب حلب إن “هذه انسحابات تكتيكية، وليست انسحابات كاملة”، وأضاف أن الجماعات الأخرى لم تتحرك للسيطرة على المناطق التي تم اخلاؤها؛ لأن التنظيم لم ينسحب بشكل كامل، لكنه قال إن التنظيم يستعد على الأرجح لانسحاب أوسع قائلُا إن “التنظيم أغلق مخبزًا في بلدة الباب على بعد نحو 40 كيلومترًا شمال شرقي حلب”.

سحب المقاتلين الأجانب

وقال القيادي المعارض: “إنهم مازالوا هناك لكنهم سحبوا المقاتلين الأجانب والعتاد الثقيل وغيروا مواقعهم”، وقدم أربعة مقاتلين آخرين وصفًا مماثلًا لتحركات داعش التي اجتاحت شمال سوريا العام الماضي مستغلة مكاسبها الخاطفة في العراق، وذكر المرصد أن تنظيم “داعش” أرسل مقاتلين من حلب لتعزيز الصفوف الأمامية مع القوات الكردية وجماعات المعارضة السورية المتحالفة، التي استغلت هزيمة التنظيم في كوباني لشن هجمات جديدة ضده.

الضربات الأردنية

وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد إن الجبهة اتسعت، مضيفًا أن “تنظيم الدولة” لايزال يسيطر على منطقة واسعة من محافظة حلب، وفي الأسبوع الماضي قال اثنان من مقاتلي داعش إن التنظيم سحب بعضًا من أفراده من كوباني ليعيد نشرهم في العراق، وذكر المرصد أن 70 من مقاتلي التنظيم على الأقل قتلوا بسبب تصعيد الضربات الجوية منذ نشر التنظيم تسجيلًا مصورًا لإعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقًا الأسبوع الماضي، وقال سكان ونشطاء من حلب إنهم شاهدوا قوافل تخلي عددًا من القرى الصغيرة في شمال شرق حلب وتتجه شرقًا.

قوات برية عربية

وقد دعت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، في افتتاحيتها الدول العربية للعب دورًا أكبر لتغيير طبيعة القتال ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وقالت الصحيفة إن التخلص من التنظيم يتطلب قوات برية، لكنها رأت أن هذه القوات يجب أن تكون عربية وليست غربية، وتطرقت الصحيفة إلى قرار الإمارات عدم الاستمرار في شن غارات في إطار التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، وقالت “الإندبندنت” إن هذه الخطوة تعود جزئيًا إلى اعتقاد الإمارات أن الولايات المتحدة لم تبذل الجهد الكافي في عمليات البحث عن الطيار الأردني معاذ الكساسبة، الذي أحرقه التنظيم حيًا.

بشار الأسد وحلف أوباما

وشددت “الإندبندنت” على ضرورة العمل على تغيير هذا الانطباع، لكنها أشارت إلى أن خسارة الإمارات عوضها دورًا أكبر باتت تلعبه المملكة الأردنية المجاورة للعراق وسوريا، ودعت الولايات المتحدة وبريطانيا إلى العمل من خلال القنوات الدبلوماسية على تشجيع الدول العربية للاضطلاع بدور أكبر في القتال ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وقالت إن هذا الاتجاه يتطلب أن ينأى التحالف الدولي عن الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يرى الكثير من السنة أنه أصبح حليفًا للغرب نتيجة لسياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي تعطي أولوية للقتال ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن