هل تواكب الجامعات الفلسطينيه جامعات العالم حاليا؟

الدكتور عقل أبو قرع
الدكتور عقل أبو قرع

الكاتب: عقل أبو قرع

صدر قبل فترة تصنيف أفضل مائة جامعة في قارة آسيا فقط وليس على مستوى العالم، ورغم وجود بعض الجامعات العربية القليلة في تلك القائمة، جلها من السعودية ومن دولة الإمارات، إلا أنه لم توجد أية جامعة فلسطينية في تصنيف أفضل مائة جامعة في آسيا، التي نحن جزء من القارة، حيث تبوأت المراتب الاولى جامعات من دول مثل سنغافورة ومن الصين، ولكن وفي نفس الوقت يجب الإشارة الى أنه احتلت جامعات إسرائيلية مراتب متقدمة في المراتب العشرين الأولى في تلك القائمة.

ومن المعروف أن تصنيف أفضل الجامعات في العالم، سواء في آسيا أو في أوروبا أو في العالم ككل، يتم بناء على معايير متفق عليها، لها علاقه بالجامعه وبالاكاديميين وبالابحاث وموقع نشر الأبحاث ونوعية الأبحاث والطلبة والعلاقة مع المجتمع، والبيئة الأكاديمية، ومستوى الابحاث، ومدى استخدام أو الاستعانة بالابحاث من قبل الاخرين، والابداع أو الابتكار، ونظرة العالم للجامعة، ونوعية الطلبة وعددهم مقارنة مع الهيئة الأكاديمية وغير ذلك من المقومات.

ورغم التقدم الذي حققته وتحققه بعض الجامعات الفلسطينية، إلا انه صحيح انه يوجد عندنا عدد من الجامعات أو عدد من مؤسسات التعليم العالي يفوق العدد عند الكثير من الدول المتقدمة، حين يتم مقارنة ذلك بأعدد السكان، وصحيح ان المجتمع الفلسطيني يضحي من اجل تعليم ابناؤه والاستثمار بهم، ولكن صحيح كذلك اننا لم نواكب التقدم النوعي في التعليم العالي الذي حصل ويحصل في العالم، من حيث اهمية الابحاث، وتطبيقات الابحاث في المجتمع، وبالتالي العلاقة مع القطاع الخاص، ومع المجتمع المدني، وصحيح كذلك ان التعليم لا يقع من ضمن اولويات الدعم الرسمي والاهلي، وصحيح انه ما زالت توجد تخصصات، ومكررة في معظم مؤسسات التعليم العالي وبالكاد يحتاجها المجتمع او يجد خريجيها وظائف، وصحيح كذلك ان مؤسسات التعليم العالي في بلادنا باتت تتسابق على اعداد الطلبة وبالتالي اقساطهم، متناسيا الجودة والابحاث والنوعية وبالتالي مواكبة الجامعات العالمية.

وفي واحد من التصنيفات العالميه الاخيره كذلك، كان ملفتا احتلال خمس جامعات تركية على الاقل مراكز جيدة في التصنيف ، وهذا يعكس مدى الاهتمام الرسمي وغير الرسمي بالتعليم العالي وبالاخص الابحاث، والاهم تطبيقات الابحاث في خدمة البلد والاقتصاد وبناء المؤسسات والتنميه في بلد مثل تركيا، ام يكن يولي هذا الاهتمام قبل وجيزه، ولا عجب اذا علمنا ان التعليم او بند موازنة التعليم العالي يحتل الرقم الاعلى من ضمن بنود ميزانية الدولة التركية، اي ان الدولة تصرف على التعليم اكثر من ايا من القطاعات الاخرى ومن ضمنها الصحة والامن والرفاه الاجتماعي، ولا عجب كذلك اذا علمنا ان الاقتصاد التركي بات من ضمن الاقتصاديات العشرين الاقوى في العالم، ومع نمو اقتصادي سنوي خلال السنوات الماضيه، اكثر من 5% خلال السنوات الماضية، وهذا له علاقة مباشرة وغير مباشره بنوعية التعليم وافرازات التعليم من ابحاث وتطبيقاتة.

ومع الفخر بالتقدم المتواصل لجامعات فلسطينيه ولكثرتها، والذي من الممكن ان يؤهلها لاحتلال مراتب متقدمه في تصنيف الجامعات في العالم، بغض النظر عن معايير ومؤسسات التصنيف، ورغم مواصلة افتخار المجتمع الفلسطيني بأنه مجتمع متعلم ويملك الكثير من مؤسسات التعليم العالي، الا ان عدم التطور من ناحية مفهوم التعليم العالي ونوعيتة وبالتالي احداث التغيير الجذري في فلسفة وفي نوعية وفي توجه التعليم، وبالاخص المعايير العالمية التي يتم تصنيف الجامعات علي اساسها، وهي البيئة الاكاديمية التي تشمل نوعية الطلبة والعاملين والمنهاج والاسلوب، وكذلك نوعية الابحاث والدراسات، وكذلك مدى استفادة المجتمع او استخدام الناس للابحاث، وكذلك مستوى الابداع او التجديد، اذا لم يتم اخذ هذه المعايير بعين الاعتبار، سوف يبقى التعليم العالي الفلسطيني بعيدا عن ما يتم من تطور في العالم، وسوف تبقى الجامعات الفلسطينية بعيده عن المساهمه في تنمية المجتمع و بعيده عن التأثير في اتجاهات تطوره، وألاهم تفقد الامل الذي كان تحمله الاجيال الشابه من خلال التعليم العالي وتحقيق مستقبل زاهر.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن