وهل يعتذر المسروق للسارق؟!

بخطاب متعالي يتوهم خلاله بأنه الأقدر على الفرز الوطني، وتشخيص المصلحة الوطنية العليا، يخرج علينا بين وقت آخر عبيد لنظام استبدادي نخر سوس الفساد جنباته بكل شخوصه ورموزه، مطالباً بالاعتذار ممن وقف سداً منيعاً أمام كل المحاولات الهادفة للنيل من مشروعنا الوطني، وعرضه كسلعة في أسواق النخاسة الدولية، وسياسات جماعات المصالح التي حرفت الثورة عن مسارها وشوهت نظامها الأساسي، بعد أن أجهزت على الميثاق الوطني مقابل مشروع للخراب البديل، والذي أسموه ” مشروع التسوية”، حيث تتعامل هذه الجماعات مع موضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني بأنه خدمة اجبارية للكيان الصهيون، وبضاعة تجني من ورائها الأموال، على الرغم من أن شعبنا الفلسطيني بكافة فئاته قد حرّم التطبيع، وطالب بوقفه فوراً ومحاسبة عرابيّه.

ألا يخجل هذا العاري وهو يقف مطالباً الجبهة بالاعتذار لرئيس السلطة؟! هذه السلطة التي أصابت المؤسسات الوطنية والخدماتية بالشلل، وأدخلت المشروع الوطني بفعل سياسات التفرد والهيمنة في حالة من الموت السريري، بل وذهبت إلى محاولة الانقضاض والتآمر على كل مقومات الصمود والمقاومة، وكسر أي قيمة وطنية، وضابط للعلاقات الوطنية، ومارست أبشع الطرق في تدمير المؤسسات الوطنية، وشنت حرباً شعواء على الهوية الوطنية الفلسطينية مستهدفة كي الوعي الفلسطيني بالوطن والثوابت، وحاولت إشغال شعبنا عن طريق محاولة احتلال عقله بشرعنة التعاون الأمني مع الاحتلال؟!

هذه السلطة التي حوّلت من المواطن الفلسطيني لسلعة يتاجر بها رموز هذه السلطة وشخوصها في خدمة مشاريعهم، وتعظيم وارداتهم المالية.

كان الأحرى بهذا المتنفذ أن يخرج للشعب الفلسطيني معتذراً بدلاً من أن يطالب أحد الفصائل الوطنية الحريصة على الثوابت بالاعتذار؟!.

معتذراً عن كائنات طفيلية أصابت المشروع الوطني الفلسطيني بالعطب، وحولته لسلعة تتقاذفها أسواق النخاسة الدولية.

معتذراً عن ترك الآلاف من أسر الشهداء يفترشون الأرض دون أي اهتمام من تلك القيادات المتنفذة لمعاناتهم وأوضاعهم، بينما تواصل تلك القيادة اكتناز أموال الشعب الفلسطيني، وينعمون بها وأولادهم!.

معتذراً عن استغلال مؤسسات المنظمة التي بناها الشعب الفلسطيني بدمائه وعظام أبناءه وإخضاعها لسياسات مقاصة المصالح الحزبية والفئوية.

معتذراً لأهالي القدس الذين تُركوا ليواجهوا عدو شعبنا وأمتنا. معتذراً لأكثر من عشرين عام على تأسيس مشروع الخراب البديل، وتبديد مقومات ومقدرات الشعب الفلسطيني.

معتذراً لآلاف المرضى الذين يتفرشون الأرض ويتجرعون الموت في مشافي أكلها الحصار، وأجهز على كادرها الطبي تهالك المعدات والأجهزة وشح الأدوية؟!.

معتذراً لأجيال سابقة وأجيال قادمة أحاطها الموت والفقر والبطالة وضيق الحال من كل جانب.

معتذراً لآلاف الأسرى ممن تركوا ليواجهوا مصيرهم وحدهم، بعدما شقوا طريق العودة والتحرير لشعبهم، وأسهموا بزهرة أعمارهم اليانعة وعذاباتهم في النضال الوطني الفلسطيني.

معتذراً عن انقسام دام لأكثر من عقد يتغذى على دماء الفلسطينيين ومعاناتهم، ويحاصرهم حتى في بيوتهم.

معتذراً عن آثام التنسيق الأمني وجرائمه بحق الوطن والمواطن!، وعن المقدسات التي ما كان ليتجرأ عليها الاحتلال لولا مطارداتكم المحمومة للمقاومة ورجالاتها في كل مكان تطأه أقدامكم.

معتذراً لفصيل وطني مقاوم لا يخشى في الحق لومة لائم، قدّم خيرة قادته وكوادره على مذبح الحرية، وهو جاهز لتقديم المزيد والمزيد، وعلى الاستمرار في فضح رموز التطبيع وشن حرب عليهم بلا هوادة، لأنهم خانوا الوطن، وقرارات الاجماع الوطني، ودماء الشهداء، وعذابات الأسرى.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن