يوسي ميلمان.. إسرائيل تُستدرج للتورط في سورية

يوسي ميلمان

لا تزال الحدود في هضبة الجولان مع سورية هادئة مع التأكيد على لا تزال. ومع ذلك هنالك دلائل على أنها تزاد سخونة ولأكثر دقة- يتم تسخينها. الأسبوع الماضي كان واحدا من الأسابع المستعرة إن لم يكن أكثرها استعاراً، منذ بداية الحرب الأهلية في سورية قبل 50 شهراً.
لقد بدأ الأمر بتقارير في وسائل الإعلام العربية، بتأخير عدة أيام، بأن طائرات سلاح الجو قصفت أهدافاً في سورية. كانت هذه مرةً أخرى وحسب تلك التقارير مخازن و قوافل نقَلت أو أعدت لنقل سلاح متطور، كما يبدو صواريخ دقيقة من سورية لـ “حزب الله”. بعد ذلك جاء الرد. خلية من المسلحين اقتربت من حدود شمال هضبة الجولان في محاولة لتنفيذ كمين ووضع عبوات في أراضي اسرائيل. شخصت نقاط المراقبة التابعة للجيش الاسرائيلي الخلية، وهاجمتها طائرات سلاح الجو وقتلت كل أو جزء من أعضاء الخلية.
لا يوجد شك لدى أجهزة الأمن بأن الأمر يتعلق بمحاولة “حزب الله” الرد والانتقام للهجوم المنسوب لسلاح الجو. وحتى لو كان أعضاء الخلية هم سكان محليون في إحدى القرى في الجانب السوري من الجولان أو ربما فلسطينيون فإن الموجه كان “حزب الله” بالتنسيق مع سادته في طهران وبمعرفة الجيش السوري الذي ما زال لديه بعض المواقع في شمال الهضبة وبالأساس في منطقة جبل الشيخ.
منذ أكثر من سنة و”حزب الله” يحاول أن يقيم بعثة له في هضبة الجولان، بالقرب من الحدود مع اسرائيل ولبنان في المنطقة الواقعة ما بين مزارع شبعا وجبل الشيخ ومنحدراته الجنوبية. هدف هذه العملية هو خلق ميزان ردع مع اسرائيل يُعطي التنظيم مرونة  رد عسكري.  حاولت اسرائيل إحباط ذلك، وكذلك إحباط الاستراتيجية التي تقف خلفه، عندما قتلت كما نُسب لها، في كانون الثاني 2015  في هجوم لسلاح الجو جنرالاً إيرانياً ومؤسس التنظيم في هضبة الجولان جهاد مُغنية، أثناء قيامهم بجولة في منطقة القنيطرة. رد “حزب الله”، هذا لاأسبوع، يشير إلى أن التنطيم اللبناني الشيعي ما زال يملك قدرات في هضبة الجولان، وفي أواخر الأسبوع أُطلقت سفارات إنذار في جزء من مستوطنات الهضبة وسُمعت أصداء سقوط قذائف. في نهاية الأمر اتضح أنه تم إطلاق قذائف مدفعية سقطت في بساتين عين زيوان. ليس من الواضح إذا كانت تلك قذائف أُطلقت باستهتار أو محاولة أخرى للمس باسرائيل، و إن كان الأمر كذلك فمن قام بها.
الوضع في الجانب السوري معقد، ويقتضي من القيادة الاسرائيلية قدرة مناورة و إظهار مسؤولية. في المنطقة تعمل جهات كثيرة تحارب الواحدة منها الأخرى و لكنها تتعاون، على سبيل المثال “القاعدة” و”داعش” يقاتلان الواحد منهم الآخر في سورية، ويتعاونان ضد “حزب الله” في الحدود السورية اللبنانية. في حدود اسرائيل- سورية هنالك حضور للجيش السوري و لمستشارين ايرانيين ولـ “حزب الله” ولمنظمات متمردة بشتى أنواعها: مليشيات سكان القرى، جيش سورية الحر، “القاعدة” ( جبهة النصرة) التي تسيطر على معظم خط الحدود وكذلك بوادر أولية لتواجد” داعش”. تقول السياسة التي حددها وزير الدفاع إن اسرائيل لن تتدخل في الحرب الأهلية، ولكنها ستحافظ على مصالحها: الحفاظ على الهدوء على الحدود وإحباط نقل سلاح متطور، أي الصواريخ الدقيقة، من سورية إلى “حزب الله”. من أجل تطبيق هذه السياسة تحاول اسرائيل الحفاظ على علاقات جيرة جيدة مع “جبهة النصرة”، وعدم الرد على الإطلاق المستهتر و المهاجمة- كما نسب لها- طالما يوجد لديها معلومات استخباراتية محدَّثة و في متناول اليد وقدرة تنفيذية على نقل السلاح.
ولكن يبدو أن “حزب الله” و إيران قد ملَّا أو ابتدآ في الملل من السياسات الاسرائيلية التي تنتهك من حين لآخر السيادة السورية. “حزب الله” و بمصادقة ايرانية يرد على هجمات كهذه حتى لو كان مستوى الرد ما زال منخفضاً. في اسرائيل ما زالوا يقدرون أن “حزب الله” وايران و بالتأكيد النظام المتضعضع لبشار الأسد غير معنيين بمواجهة مع اسرائيل. أيضاً اسرائيل تريد المحافظة على الهدوء، ولكن حسب شروطها الني تحاول إملاءها على الأطراف العاملة في سورية. الخطر يتمثل في أن سياسة المبادرة العسكرية المنسوبة لاسرائيل والتي رويداً رويداً يتم سحبها خلافاً لتصريحاتها للتدخل في سورية، من شأنها أن تحدث دائرة مفرغة من العنف و التصعيد: فعل رد فعل سيخرج عن السيطرة.

بقلم: يوسي ملمان/عن “معاريف”

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن