11 يوماً و8 مكالمات وقرار.. كواليس الاتفاق على وقف النار في قطاع غزة

11 يوماً و8 مكالمات وقرار.. كواليس الاتفاق على وقف النار في قطاع غزة
11 يوماً و8 مكالمات وقرار.. كواليس الاتفاق على وقف النار في قطاع غزة

كشف موقع (أكسيوس) الأميركي، كواليس إنهاء التصعيد في قطاع غزة وقرار وقف النار المتزامن، قائلاً إنه قبل 11 يوماً من بدء سريان القرار، أجرى الرئيس الأميركي جو بايدن 6 مكالمات هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وواحدة مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وأخرى مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وأضاف الموقع في تقرير نشر السبت، أنه من أجل الحصول على معلومات عما حدث وراء الكواليس في هذه المكالمات الهاتفية، ولمعرفة استراتيجية بايدن في ذلك الوقت، وماذا تم من أجل التوصل إلى وقف النار، أجرى “أكسيوس” مقابلات مع 3 مصادر أميركية، وإسرائيلية، كانت منخرطة بعمق في العملية، لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، للتحدث بحرية.

وأشار التقرير إلى أن التحذيرات بدأت في أواخر أبريل الماضي، حين حذر مسؤولون وخبراء، في واشنطن، البيت الأبيض من أن تأجيل الانتخابات البرلمانية الفلسطينية، إلى جانب الاحتجاجات على الإخلاء الوشيك للعائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، يمكن أن ينذر بأزمة جديدة، ولكن في البداية، لم يأخذ البيت الأبيض هذه التحذيرات على محمل الجد، ذلك أن الملف الفلسطيني-الإسرائيلي بقي ذي أولوية منخفضة.

وتابع: “ثم جاءت المواجهات بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين الفلسطينيين في المسجد الأقصى، والتي بلغت ذروتها بمداهمة الشرطة للمسجد في 10 مايو الجاري، وهي الأحداث التي شارك فيها مئات الفلسطينيين”، لافتاً إلى أنه “في اليوم السابق، ومع تصاعد التوترات بشكل سريع، أجرى مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، اتصالاً بنظيره الإسرائيلي، مائير بن شبات، فيما تحدثت نائبة وزيرة الخارجية، ويندي شيرمان، إلى المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، ألون أوشبيز”.

وأوضح (أكسيوس) أنه في ذلك الوقت، كان لدى إدارة بايدن ثلاثة مطالب فورية من إسرائيل، هي: وقف عمليات الإخلاء في الشيخ جراح، وخفض التوترات في المسجد الأقصى، وإلغاء المسيرة السنوية التي يحتفل فيها القوميون الإسرائيليون بذكرى احتلال تل أبيب للقدس الشرقية”.

وأضاف الموقع أنه على الرغم من تصريح المسؤولين الإسرائيليين في ذلك الوقت بأن بن شبات رفض مطالب سوليفان، واعتبرها بمثابة “مكافآة للإرهابيين”، فإن نتنياهو استجاب لها في الواقع في 10 مايو، إذ طلب من المحكمة العليا تأجيل حكمها بشأن عمليات إخلاء حي الشيخ جراح، وحظر زيارات اليهود إلى الحرم القدسي، وغيَر مسار المسيرة بحيث لا تمر عبر الحي الإسلامي في البلدة القديمة في القدس.

ورأى الموقع أن خطوات نتنياهو جاءت في وقت كان الآوان فيه قد فات، موضحاً أنه مع انتهاء المهلة التي حددتها حركة حماس لإخراج جميع قوات الأمن الإسرائيلية من المسجد الأقصى والشيخ جراح، أطلقت الجماعة المسلحة 7 صواريخ على تل أبيب.

تغيير اللعبة

مساعدو نتنياهو، أجروا إثر ذلك مكالمات مع البيت الأبيض، لتوصيل رسالة واضحة مفادها أن “اللعبة تغيرت وأن إسرائيل ستقوم الآن بعملية عسكرية في غزة”، وفقاً للموقع، الذي لفت إلى أن “مسؤولي البيت الأبيض كانوا يرغبون في البداية في القيام بدور نشط للغاية، وذلك كما اعتادت الإدارات السابقة أن تفعل، لكن بايدن وكبار مستشاريه تبنوا نهجاً مختلفاً””.

ولفت الموقع إلى أن أحد العوامل التي دفعت المسؤولين الأميركيين إلى ذلك، هو الذكريات السيئة التي كانت موجودة لدى العديد من كبار مستشاري الرئيس من حرب 2014 في غزة، والتي تضمنت غزواً برياً إسرائيلياً، أدى إلى قتل ما يقرب من 2500 فلسطيني.

وتابع: “أخبر بايدن كبار مستشاريه أن الولايات المتحدة ستتعامل هذه المرة مع الأزمة من خلال دبلوماسية مكثفة ولكن هادئة مع إسرائيل ومصر”. وأضاف: “فعلاً، اتبع الرئيس الأميركي استراتيجية مزدوجة، تتمثل في الدعم العلني لتل أبيب، وحضّ نتنياهو، من وراء الكواليس، على إنهاء العملية في أسرع وقت ممكن لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين، إذ قال بايدن لفريقه إن الولايات المتحدة لن تدعو علناً إلى وقف النار، كما أنها لن تنخرط في القضية داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.

نقطة تحول

في الأيام القليلة الأولى للعملية، تزايدت الإدانات الدولية لإسرائيل مع ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في غزة، ولكن ظلت رسالة بايدن تركز على دعم واشنطن لتل أبيب، حتى وراء الكواليس. ولكن، بعدما قصفت الأخيرة برج الجلاء الذي يضم مكاتب وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية، ووسائل إعلام أخرى، أجرى بايدن، تحت ضغط داخلي متزايد من أجل التدخل لوقف النار، مكالمة هاتفية ثانية مع نتنياهو، ولكنه ركز هذه المرة على “وقف التصعيد”، بحسب الموقع.

كما اتصل بايدن بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، وحضّه على إرسال قوات الأمن الفلسطينية لتكون بمثابة حاجز بين الجنود الإسرائيليين والمتظاهرين الفلسطينيين لضمان عدم وصول الأزمة في غزة إلى الضفة الغربية المحتلة، وهو ما التزم عباس بالقيام به، بحسب “أكسيوس”.

ومضى الموقع يقول: “خلال عطلة نهاية الأسبوع تلك، أدرك البيت الأبيض أن مصر هي الوسيط الفعَال الوحيد الذي يمكنه تسهيل التوصل لوقف متبادل لإطلاق النار، وبين يومي الأحد والاثنين، بدأ المسؤولون الأميركيون يرون دلائل على أن وقف النار بات ممكناً”.

وكشف الموقع أن مصر توصلت إلى تفاهم سري مع حماس لوقف النار على تل أبيب، واستمرت حالة من الهدوء غير المُعلن لمدة 18 ساعة، ما أثبت للبيت الأبيض أن القاهرة قادرة على التواصل مع حماس، وهو التطور الذي دفع بايدن للاتصال بنتنياهو، يوم الاثنين، وإصدار تصريح رسمي يدعم وقف النار المتزامن للمرة الأولى.

مناورة فاشلة

على الرغم مما تقدّم، سرعان ما تراجعت إسرائيل، إذ أصر كل من نتنياهو ووزير الدفاع، بيني غانتس، في تواصلهما مع المسؤولين الأميركيين على أنه يتعين عليهم مواصلة العملية، وتقويض قدرات حماس العسكرية بشكل أكبر. لكن يوم الأربعاء، بدأ كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي في إرسال إشارات إلى نظرائهم الأميركيين بأن العملية حققت أهدافها الأساسية.

وبحلول صباح الأربعاء، رأى البيت الأبيض أنه يمكن تحقيق وقف لإطلاق النار في غضون أيام، وحينها قرر بايدن الاتصال بنتنياهو للمرة الرابعة للضغط بشكل أكبر.

وأشار الموقع إلى أنه على الرغم من أن أجواء المكالمة لم تكن حادة، إذ اتخذ بايدن نهج “لا أتفق معك ولكني أحبك” الذي لطالما ميَز العلاقة بين الجانبين على مدى ثلاثة عقود، لكن الرئيس الأميركي كان أكثر حزماً في المكالمة الرابعة مما كان عليه في المكالمات الثلاث السابقة، إلا أن نتنياهو واصل الإصرار على أنه بحاجة إلى عدة أيام أخرى، لكن الأول حذره من أن استمرار القتال قد يخرج عن نطاق السيطرة، وذلك لأنه كان يعلم أن الجيش الإسرائيلي حقق أهدافه الأساسية بالفعل.

ونقل الموقع عن مصدر مطلع على المكالمة، قوله إن بايدن قال لنتنياهو: “لا يمكنك التحكم في الأحداث، المصريون لديهم اقتراح جيد، وأعتقد أن الوقت حان لإنهاء الأمر”، وقد أخبره الأخير، وراء الكواليس، أنه يحتاج فقط إلى 24 ساعة أخرى، ولكنه في العلن، أصدر مقطع فيديو باللغة العبرية يؤكد أنه لن يكون هناك حد زمني للعملية، ما جعله يبدو وكأنه يتحدى ضغوط بايدن. ولكن البيت الأبيض تجاهل الأمر لأنه يعلم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي فعل ذلك من أجل اللعب على قاعدته السياسية.

اليوم الأخير

صباح يوم الخميس في الولايات المتحدة، أجرى بايدن مكالمته الأولى كرئيس للولايات المتحدة مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، وطلب منه الحصول على ضمان بأنه يمكن لمصر ضمان توقف حماس عن إطلاق الصواريخ، إذا وافقت إسرائيل على وقف النار. وهو ما حصل عليه بالفعل من الرئيس المصري، وتم إرسال هذه الرسالة لنتنياهو قبل وقت قصير من عقده اجتماعاً لمجلس الوزراء الأمني المصغّر، الذي تم التصويت فيه بالموافقة على وقف النار المتزامن.

بعدها، اتصل نتنياهو ببايدن ليطلعه على آخر المستجدات، وللتحذير من أنه إذا استخدمت حماس الساعاتين ونصف المتبقيتين لإطلاق الصواريخ على تل أبيب، فإن الأخيرة سترد بكامل قوتها، وهو ما سيؤدي لإنهيار إتفاق وقف النار، الأمر الذي قال “أكسيوس” إنه قد أدى لساعتين دراماتيكيتين ظل مساعدو بايدن يتواصلون خلالهما على الهاتف مع المسؤولين الإسرائيليين والمصريين.

وقبل ساعة من بدء وقف النار، اتصل نتنياهو مرة أخرى ببايدن وقال إنه تلقى تأكيدات من المصريين بأن حماس لن تطلق الصواريخ في اللحظة الأخيرة، وحينها أدلى بايدن بكلمته من البيت الأبيض، عبر التلفزيون، والتي أثنى فيها على نتنياهو لدعمه الاتفاق.

وقال (أكسيوس) إن الأمر لم يستغرق سوى 24 ساعة فقط بين حضّ بايدن لنتنياهو على قبول وقف النار، وتصويت إسرائيل على القيام بذلك، مشيراً إلى أنه بينما يرى منتقدو نهج بايدن، بما في ذلك العديد من الديمقراطيين، أنه كان ينبغي عليه ممارسة ضغط أكبر في وقت سابق من التصعيد الذي قُتل فيه ما لا يقل عن 248 فلسطينياً، فإن المسؤولين الأميركيين يقولون إن الرئيس استخدم رصيده السياسي وسُمعته كصديق لإسرائيل لتجنب المواجهة العلنية مع نتنياهو، وللمساعدة في التوصل إلى وقف النار بشكل سريع نسبياً.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن