قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان إن آليات الاحتلال الإسرائيلي ماضية بتنفيذ مشاريعها الاستيطانية مكان مطار القدس الدولي “مطار قلنديا”.
وأشار المكتب الوطني في تقريره اليوم السبت، إلى أن الحكومة الإسرائيلية أقرت الأسبوع الماضي الموازنة العامة للأعوام 2022-2021 بما في ذلك ميزانية خاصة للاستيطان، وتفاخرت ايليت شاكيد، وزيرة الداخلية في حكومة بينيت – لابيد، بنجاحها في مضاعفة الموازنات الخاصة بالاستيطان في وزارتها بأكثر من 50%، كما تم الإعلان عن تخصيص ملايين الشواكل لاستكمال الشوارع الاستيطانية كما هو الحال في الشارع رقم 60 الذي يربط شمال الضفة بجنوبها، إضافة إلى رصد ميزانيات لاستكمال شق شارع 437 الذي يربط منطقة حزما بمستوطنة آدم بتكلفة 250 مليون شيكل، ما يعني ابتلاع مساحات واسعة من الأرض الفلسطينية وتخصيصها لصالح المستوطنين والمستوطنات وربطها ببعضها البعض.
ولم تكتف شاكيد بزيادة مخصصات الاستيطان في وزارتها، بل أكدت على ضرورة إخلاء قرية الخان الأحمر شرق مدينة القدس، والالتزام بقرار المحكمة العليا، فتأجيل إخلاء قرية الخان الأحمر حسب زعمها في الأسابيع والأشهر الأولى للحكومة الجديدة، لا يعني ذلك عدم إخلاء القرية.
وفي الوقت نفسه، تواصل آليات سلطات الاحتلال العمل في منطقة مطار القدس التاريخي في قلنديا وإنشاء بنى تحتية أساسية، بعدما بات المطار هدفا لتنفيذ مخططات إسرائيلية توسعية بعد قرار الحكومة تحويله إلى منطقة صناعية، وقد اعتبرت اللجنة المحلية للتنظيم أن أرض مطار قلنديا شمال مدينة القدس يقع في الأراضي التابعة لها، وقررت هدم المطار المهجور وتحويله إلى منطقة صناعية.
وبدأ الاحتلال العمل فعليًا في مخطط لبناء حي استيطاني جديد على أراضي “مطار قلنديا” رغم المعارضة الدولية للمشروع، وكانت إسرائيل قد استولت عليه بعد احتلالها الضفة الغربية عام 1967، وضمته إلى مدينة القدس عام 1981 بموجب “قانون القدس”، لكنها أغلقته عام 2000، وأطلقت عليه اسم “مطار عطاروت”.
وأقام الاحتلال على أرض المطار حاجز قلنديا الذي يفصل شمال القدس عن رام الله، وفي فبراير عام 2012 قررت تحويله إلى منطقة صناعية، وكان هذا المخطط الاستيطاني قد وضع قبل سنوات، وتم تجميده في أكثر من مناسبة بسبب الضغوط السياسية الدولية، وخصوصا المعارضة التي أبدتها الإدارة الأميركية السابقة برئاسة باراك أوباما في حينه، والتي عارضت التوسع الاستيطاني بالقدس، في حين أصدر وزير الإسكان الإسرائيلي السابق يوآف غالانت أوامر باستئناف العمل على المشروع الاستيطاني بعد انتخاب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لينفذ هذه الأيام في عهد الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بينت، مدعوماً من رئيس بلدية الاحتلال في القدس موشيه ليئون.
وبدأت بلدية الاحتلال بالقدس منذ مدة العمل في البنية التحتية وشق عدة شوارع في معبر قلنديا، والترويج للخطة الاستيطانية الهادفة إلى إقامة حي استيطاني في المنطقة على مساحة 1240 دونم من أراضي المطار، كانت أقرته “اللجنة الولائية للبناء والتنظيم” عام 2020.
وتشمل الأعمال شق أربعة شوارع تُوصل منطقة “مطار قلنديا” بالمستوطنات شرقي القدس، وحتى الأغوار والساحل الفلسطيني، وكذلك شق طريق من المنطقة الجنوبية إلى مدينة القدس وصولًا لمدينتي بيت لحم والخليل، ويشمل الحي الاستيطاني بناء 9 آلاف وحدة استيطانية لإسكان اليهود المتدينين “الحريديم“، بالإضافة لإقامة أماكن ترفيهية وتجارية ومنطقة صناعية، وفندق يضم 20 طابقًا، وعدة بنايات عالية، وغيرها من المنشآت.
وتشرف وزارة الإسكان الإسرائيلية على المشروع الاستيطاني بالتعاون مع بلدية الاحتلال، وبدعم من اليمين الإسرائيلي المتطرف.
المحتويات
الصندوق القومي يسطو على 530 عقارا
على صعيد آخر، يمضي الصندوق القومي اليهودي قدماً بتسجيل 530 عقاراً في الضفة الغربية في دائرة الأراضي (الطابو) الأمر الذي من شأنه ان يؤدي الى إخلائها من سكانها الفلسطينيين، ومن المقرر ان يصادق مجلس إدارة الصندوق على خطة بهذا الشأن تضم 17 الف صفقة عقارية في الضفة الغربية وإسرائيل، وتبلغ تكلفة الخطة مئة مليون شيكل، ومن المتوقع ان تستمر لخمس سنوات، ويدور الحديث هنا عن صفقات أبرمتها المؤسسة قبل وبعد عام 1948 غير أنها لم توثق في (الطابو)، وتظهر المستندات وجود عقود منجزة وفي حالات أخرى لم تكتمل الصفقات على الرغم من اجراء مفاوضات بهذا الخصوص.
وتشير والتقديرات الى أن قسماً منها تقع في مناطق A و B ، التي تخضع لسيطرة مدنية للسلطة الفلسطينية، ما يعني أنه لا توجد صلاحية لإسرائيل للتخطيط في هذه المناطق ولن يتمكن الصندوق من أن يُسجل كمالك للأراضي فيها.
وحسب تقديرات الصندوق، فإن الوثائق تشير إلى 360 صفقة أراض أبرِمت في الضفة، وبينها 170 صفقة تم التوقيع على عقود شراء أراض وأنه بالإمكان تسجيلها فعلياً.
وبحسب الادعاء فإن معظم الأراضي في الضفة اشترتها بعد احتلال الضفة في العام 1967 شركة تابعة للصندوق باسم “هيمنوتا يهودا والسامرة”، ويطلق عليها الآن تسمية “هيمنوتا القدس” التي أقيمت بعد احتلال الضفة، وعدد قليل من الأراضي يدعي الصندوق شراءها قبل العام 1948 عندما كانت مسجلة كجمعية انتدابية.
وبحسب تقديرات الصندوق القومي اليهودي، فإن بعض العقارات يسكنها فلسطينيون، ويدعي أنه اشترى أراض في القدس الشرقية تمتد على مساحة 2500 دونم، ويدير هذه الأراضي حارس الأملاك العام الإسرائيلي منذ العام 1967.
الشيخ جراح.. وثائق جديدة
وفي السياق، لا تزال قضية تهجير عائلات حي الشيخ جراح تتفاعل في ظل محاولات الاحتلال فرض تسوية طرحتها المحكمة العليا فيما قدّم الأردن وثائق جديدة تثبت ملكية العائلات لمنازلهم، وكانت المحكمة العليا عقدت في الثاني من آب الجاري جلسة مطولة للنظر بالاستئناف على قرارات إخلاء وتهجير 4 عائلات من الحي، وقدمت اقتراحًا يدعو الى اعتبار السكان “مستأجر محمي”، مع اعتبار الجيل الحالي من السكان هم الجيل الأول وليس من أسكنتهم الحكومة الأردنية؛ وبالتالي، يعترف الأهالي بملكية المستوطنين للأرض.
وقد سقط مقترح المحكمة بعدما رفض أهالي الحي التسوية المقترحة، وكانت السلطات الأردنية قد قدمت وثائق جديدة تثبت ملكية العائلات الفلسطينية المهددة بالإخلاء من حي الشيخ جراح لمنازلهم التي يقيمون بها حاليًا، وتؤكد الوثائق أن الأردن كان قد بدأ بالفعل بنقل ملكية الأراضي والمباني المقامة عليها في الشيخ جراح لهم، غير أن حرب حزيران/ يونيو 1967 وما ترتب عليها من احتلال عطلت هذه الإجراءات.
والفرق بين هذه الوثائق والوثائق التي سُلمت سابقا في نيسان/ أبريل الماضي، أن السابقة كانت تتحدث عن نوايا بينما تشير الوثائق المسلمة مؤخرًا إلى خطوات عملية لتطويب الأرض بأسماء السكان.
وتشدد الوثائق على أنه في شهر آذار/ مارس 1967، أي قبل 3 أشهر من اندلاع الحرب، حصل أهالي حي الشيخ جراح على إعلان لانتظار مسؤول القياسات في منازلهم من أجل تطويب الأراضي لهم، وبعد ذلك بشهر كتب موظف الطابو الأردني لمدير سلطة الأراضي أن مسار القياسات استكمل، ويجب الانتقال الى عملية التسجيل حفاظا على الحقوق.
وتشير وسائل الإعلام الأردنية إلى أن الوثائق الأردنية مدعومة برأي مسؤول رفيع سابق في النيابة العسكرية للاحتلال التي عملت في الضفة الغربية، والذي يؤكد أنه بناء عليها (الوثائق الأردنية)، يمكن الاستنتاج أنّ إخلاء الفلسطينيين من منازلهم غير قانوني.
مشاريع استيطانية تستهدف لفتا المهجرة
وفي موازاة قضية الشيخ جراح، تقدم أهالي لفتا الأسبوع الماضي بالتماس ضد مخطّط يستهدف قريتهم المُهجرة، حيث توجه المحامي سامي ارشيد بالتماس لمحكمة الاحتلال المركزية في القدس ضد ما تسمى “دائرة أراضي إسرائيل” لإلغاء مخططها 6036، وذلك بصفته وكيلا لأهالي قرية لفتا المهجرين منذ عام 1948 ممثلين بجمعية أبناء لفتا المقدسية، وهيئة حماية الموروث الثقافي لبلدة لفتا المهجرة وائتلاف من أجل القدس.
ويهدف المخطط إلى بناء 259 فيلا فخمة ومركز تجاري وفندق مكون من 120 غرفة ومبانٍ أخرى خدماتية وطرق، وهو مخطط لم يأخذ بعين الاعتبار الحقوق التاريخية لأهالي لفتا الفلسطينيين المهجرين في أراضيهم وبيوتهم وذاكرتهم وتاريخهم المهدد بالإزالة، ومحو معالم البلدة والأماكن المقدسة فيها كمسجد القرية الذي يعود بناؤه لأكثر من 800 عام إضافة إلى المقامات والمقبرة التي تضم رفات الآباء والأجداد منذ مئات السنين ومعاصر الزيتون والعنب ومصاطب المباني والمشهد الطبيعي الذي يحتوي على بقايا السلاسل التاريخية للمدرجات الزراعية، علاوة على أنّ المخطط يهدّد التنوع الحيوي البيئي الغني بالثروة الحيوانية والنباتية.
وعلى هذا الصعيد، جددت الأمم المتحدة رفضها تهجير الاحتلال الفلسطينيين من منازلهم في الأراضي المحتلة.
وجاء ذلك في تعليق ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة، على إرجاء المحكمة العليا للاحتلال قرارها بشأن التماس أربع عائلات ضد قرار تهجيرها من منازلها في حيّ الشيخ جراح.
وقال دوجاريك: “موقفنا واضح، القانون الدولي لا يجيز الاستيطان، ولا يجيز إجلاء الفلسطينيين من بيوتهم”.
كذلك طالب الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، حكومة الاحتلال بعدم طرد الفلسطينيين من بيوتهم التي عاشوا فيها لعقود طويلة في الشيخ جراح.