إسرائيل تتفوق في “حرب الظلال”.. ماذا إن وقعت الواقعة؟

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

في الحرب الاستخبارية – السيبرانية المحتدمة بين إسرائيل وإيران، أو “حرب الظلال” كما يطلق عليها، تميل موازين القوة والفاعلية بقوة، لصالح الأولى على حساب الثانية..

ومن المؤكد أن الجمهورية الإسلامية لم تترك باباً إلا وطرقته لـ“رد التحية الإسرائيلية بمثلها أو بأقوى منها“، ولكن من دون جدوى، أو بقدر قليل منها، حتى الآن على الأقل.

لا يكاد يمر يوم واحد، من دون أن نسمع أو نقرأ عن عمليات اغتيال في ظروف غامضة، تارة بسم زعاف، وثانية برصاص مجهول أو اثنين على دراجة نارية، وثالثة بعملية اغتيال من الجو، تنخرط فيها أقمار صناعية وبنادق آلية وطائرات مسيّرة..

أما التفجيرات الغامضة، فتكتسب اليوم جرأة أكبر من أي وقت مضى، تضرب في عمق المنشآت الإيرانية، وتصل إلى مناطق حساسة، ويغادر المنفذون دون ترك آثار دالّة عليهم.

لولا أن إسرائيل تتوفر على معلومات استخبارية دقيقة ومتجددة، لما أمكن لها أن تفعل ما فعلته وتفعله يومياً، بشكل منهجي منظم.. لولا أنها مطمئنة لـ“سلامة وأمان“ شبكاتها في الداخل الإيراني، لما انتقلت من الصمت إلى التلميح، بل والتصريح أحياناً، عن مسؤوليتها عن هذه العمليات.

هنا نفتح قوسين، فنرى أن إسرائيل توظف التكنولوجيا بطبعاتها الأكثر تقدماً وتطوراً لتنفيذ مآربها واصطياد أهدافها: علماء، وقادة أمنيون، وضباط مسؤولون عن أذرع إيران الطويلة في الإقليم..

لكن التكنولوجيا وحدها لا يمكن أن تكون مصدراً لهذا الكم الهائل والدقيق من المعلومات، ولا سبباً في تحقيق كل هذه النجاحات في الوصول إلى أكثر الأهداف حساسية..

لا يمكن بالتكنولوجيا وحدها، السطو على ما ”طن“ من وثائق الأرشيف النووي الإيراني، من قلب طهران ونقله للخارج، أو ”نصب“ البندقية التي قتلت عالم الذرة فخري زادة على قارعة الطريق، أو قنص العقيد في فيلق القدس حسن صياد..

يبدو أن الاختراق بالعنصر البشري، وصل إلى مواقع شديدة الحساسية كذلك.

بعد كل عملية اغتيال أو تفجير، يخرج كبار المسؤولين الإيرانيين من عسكريين وسياسيين، بعاصفة من التهديد والوعيد، ويقطعون أغلظ الإيمان، بأن ردودهم ستكون ”مزلزلة“..

لكن شيئاً ذا قيمة لم يحصل بعد، وعمليات الاختراق السيبراني – التكنولوجي الإيرانية لم تتخط في أحسن حالاتها، بعض الصور المحدثة لأهداف في إسرائيل، أو محاولات لاقتناص ”سائحين“ إسرائيليين في الخارج، أو اختراق بريد الكتروني لمسؤول سابق، أو الدخول على بث محطة تلفزيونية… لا شيء أكثر من ذلك.

لا شك أن إسرائيل في وضع أفضل، يمكّنها من إحراز تفوق على إيران في ”حرب الظلال“، فهي مشهود لها بالتفوق التكنولوجي بالذات في حقول التجسس والحرب السيبرانية وتكنولوجيا السلاح الدقيق، فضلاً عن توافر أفضل الخبرات الغربية ”والشرقية“ تحت تصرفها، مما لا يتوفر لإيران أبداً.

ولا شك أن إسرائيل تجد في بعض الإيرانيين المعارضين، مادة خصبة للتجنيد والتوظيف، إن لم يكن على شكل عملاء وجواسيس، فعلى صورة ”حلفاء“ وأصدقاء“، مما لا يتوفر لإيران مثلهم في إسرائيل، بالنظر للاختلاف الجوهري في طبيعة النظامين السياسيين.. إسرائيل هنا تحد نفسها في حالة تفوق على عدوتها اللدودة: إيران.

بوصول مفاوضات فيينا إلى طريق مسدود، وارتفاع حمى التهديد بالحرب والضربات الجوية والصاروخية المتبادلة، فإن ثمة سؤالاً مشروعاً، يقرع أذهان أصدقاء إيران وخصومها وأعداءها: هل ستكون موازين القوى بين الجانبين في الحرب الشاملة، صورة مماثلة عن توازنات ”حرب الظلال“، أم إن إيران تخفي فعلاً من المفاجآت ما سيجعل إسرائيل تندم على التحرش بها؟

سؤال لن نحصل على جواب عليه أبداً، إلا إن اندلعت المواجهة فعلاً، وبعد أن يتقشع غبار المعارك.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن