الجميع في انتظار نوفمبر.. هل اقتربت نهاية حكم دونالد ترامب؟

الجميع في انتظار نوفمبر.. هل اقتربت نهاية حكم دونالد ترامب؟

لم يمر يوم الثلاثاء الماضي الموافق 21 أغسطس (آب) مرور الكرام على دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الحالي، بعد أن اعترف محاميه الشخصي السابق مايكل كوهين بتورطه تورطًا مباشرًا في رشوة كل من ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيال، وعارضة الأزياء كرين مكدوجل المعروفة بعملها لدى مجلة الإباحية الأمريكية الشهيرة «Playboy».

وذكر كوهين أن كلًّا من ستورمي دانيال وكرين مكدوجل قد هددا ترامب بالإفصاح عن العلاقة الغرامية السرية التي جمعت بينهما وبين ترامب،قبل أيام قليلة من غلق أبواب الاقتراع في الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ لذلك قرر ترامب -حسب رواية كوهين- أن يشتري صمتهما، حتى لا تؤثر تلك الأخبار في فرصته في الانتخابات.

واعترف كوهين بهذه الواقعة في محاولة منه لتخفيف العقوبات في الاتهامات الثمانية الأخرى المتهم بها، خلال مشاركته في حملة دونالد ترامب، والتي تضم: التهرب من تقديم السجل الضريبي والمالي الصحيح للحملة الإنتخابية، فضلًا عن منح الرشا الانتخابية والمتمثلة في قضية ستورمي دانيال وكرين مكدوجل، التي إن صحت شهادة مايكل كوهين بصددها؛ فإن هذا يضيف إلى سجل ترامب من الاتهامات تهمة خرق القوانين الفيدرالية.

وينص القانون على «تجريم أي معاملات مالية سرية أثناء الحملات الانتخابية للمرشحين في الولايات المتحدة»، وطبقًا للمادة الثانية من دستور الولايات المتحدة الأمريكية؛ فإن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية يمكن عزله من منصبه في حال ارتكابه جرائم تتعلق بالرشوة، أو الخيانة، أو عرقلة العدالة، أو ارتكاب جرائم أو جنح ذات أثر بالغ.

هل سيُعزل دونالد ترامب؟

في اليوم نفسه الذي تم فيه اتهام مايكل كوهين محامي ترامب الشخصي، في ولاية فرجينيا، كانت لجنة التحقيقات (لجنة مولر) والتي شُكلت للتقصي والتحقيق في تدخل روسيا في انتخابات 2016، على موعد مع تحقيق أول انتصار لها في القضية؛ وذلك عندما أعلنت إحدى المحاكم الفيدرالية -استنادًا على أدلة قدمتها اللجنة-، اتهام بول مونفورت مدير حملة ترامب الانتخابية السابق؛ في خمسة اتهامات متعلقة بالنصب والتزوير في مستندات الضرائب والشؤون المالية الخاصة بالحملة، وكان من بين هذه الاتهامات وجود حساب بنكي في أحد البنوك الأجنبية خارج الولايات المتحدة، لم يستطع مونفورت تفسيره، ويعني اتهام مونفورت -ضمنًا- اتهام دونالد ترامب هو الآخر؛ لكونه رأس الحملة الانتخابية.

ولكن يبقى السؤال مطروحًا: هل سيُعزل دونالد ترامب؟ وبالرغم من أن هذه التهم -وبحسب المادة الثانية من الدستور الأمريكي- تستوجب العزل، إلا أن عملية العزل ليست سهلة كما تبدو؛ بل هي عملية معقدة. ففي البداية يجب أن يحرر قرار العزل أكثر من نصف أعضاء مجلس النواب الأمريكي، ثم يُحول القرار إلى مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يجب أن يصوت ثلثا أعضائه بالموافقة، حتى يمر قرار العزل إلى المرحلة الأخيرة، وهي المحكمة الدستورية العليا، صاحبة القول الفصل في قرار العزل.

لكن المعطيات الراهنة تُصعب من فكرة عزل دونالد ترامب، فالحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه يملك الأغلبية في مجلس النواب الأمريكي، وعلى الرغم من وجود انتخابات تجديد نصفي لمجلس النواب في نوفمبر (تشرين الثاني) القادم، وأن هناك فرصة كبيرة للحزب الديمقراطي المعارض كي يستعيد الأغلبية في مجلس النواب، إلا أن عقبة مجلس الشيوخ لا تزال قائمة ومن الصعب تجاوزها، بل من الممكن أن يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى، مثلما حدث مع بيل كلينتون عام 1998؛ عندما قررت الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب عزل بيل كلينتون، لكن العزل لم يتم لأن الحزب الديمقراطي الذي كان ينتمي له بيل كلينتون كان يملك الأغلبية في مجلس الشيوخ، الذي صوتت أغلبيته ضد المحاولة.

انتخابات التجديد النصفي.. استفتاء على دونالد ترامب

قبل نهاية يوليو (تموز) الماضي، صرح رودي جولياني محامي دونالد ترامب الحالي بأن انتخابات التجديد النصفي للكونجرس (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) سوف تكون بمثابة استفتاء على وجود دونالد ترامب، وأنها سوف تحدد هل الحديث عن عزل ترامب من منصبه سوف يستمر أم أنه سيتوقف عند الأبواق الإعلامية للديمقراطيين فقط. ويقصد جولياني أنه في حالة نجح الحزب الجمهوري الذي يمثله دونالد ترامب في الحفاظ على الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، فهذا يعني أن الرأي العام الأمريكي لا يأبه بكل مزاعم العزل، ويجدد الثقة في ترامب والحزب الجمهوري.

Capture a

توقعات انتخابات التجديد النصفي، مصدر الصورة – فايننشال تايمز

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) القادم ستعقد انتخابات التجديد النصفي في الكونجرس الأمريكي؛ ففي مجلس النواب سوف يتم إعادة انتخاب ممثلين على 432 مقعدًا، وفي مجلس الشيوخ سوف تتم إعادة الانتخاب على 34 مقعدًا فقط من أصل 100. ويبدو جليًا أن كل ما حدث في الأيام الماضية سوف يلقي بظلاله بكل تأكيد على الانتخابات القادمة، بل ومن المتوقع أن يؤثر بالسلب في نتائج الحزب الجمهوري الحاكم.

وبالحديث عن احتمالات كل من الحزبين الجمهوري الحاكم والديمقراطي المعارض، فإن الإحصائيات واستطلاعات الرأي وحتى التاريخ، تقف في صف الحزب الديمقراطي في انتخابات مجلس النواب، ومن المتوقع أن ينجح الحزب الديمقراطي في أن يؤمن الأغلبية حتى لو بنسبة صغيرة، وهذا يعني أنه قد يتمكن من ضمان تمرير قرار عزل ترامب من مجلس النواب.

أما في مجلس الشيوخ، فسوف يدافع الحزب الديمقراطي عن 26 مقعدًا من أصل 34 مقعدًا سيجري عليهم إعادة الانتخاب، وبجانب تأمين الستة وعشرين مقعدًا، يحتاج الحزب الديمقراطي للفوز بمقعدين على الأقل حتى يتمكن من تحقيق الأغلبية في مجلس الشيوخ، التي قد تسهل عليه الشروع في تأمين الخطوة الثانية من قرار عزل دونالد ترامب، عن طريق حصد أصوات ثلثي اعضاء مجلس الشيوخ.

وقبل أسبوع، أرسلت نانسي بيلوسي زعيمة الأغلبية الديمقراطية في الكونجرس، بريدًا إلكترونيًّا إلى كافة الأعضاء الديمقراطيين تحثهم على التركيز في المشاكل المتعلقة بالاقتصاد والبطالة والتعليم والتأمين الصحي، والابتعاد كل البعد عن أحاديث عزل دونالد ترامب من منصبه حتى لا يتهمهم الجمهوريون بأنهم يدفعون نحو قرار العزل دون أن تنتهي التحقيقات، فيؤثر ذلك بالسلب في نتائجهم بانتخابات التجديد النصفي القادمة.

ترامب يهدد: “اعزلوني وسيُصبح الجميع فقراء”

وتعليقًا على ما حدث في محاكمة كل من محاميه ورئيس حملته الانتخابية السابق، صرح دونالد ترامب بأنه في حالة عزله سوف يؤثر ذلك بالسلب في البورصة وتداول الأسهم في السوق الأمريكية، وجاء تصريح ترامب على النحو التالي: «في حالة عزلي سوف تتحطم السوق في أمريكا، والجميع سوف يصبحون فقراء، ويرون أرقامًا لم يروها من قبل».

ومنذ تواجد ترامب في البيت الأبيض وفرضه لسياسات اقتصادية جديدة في صالح رجال الأعمال، من ضمنها تقليل الضرائب للحد الأدنى؛ فإن التداول في البورصة الأمريكية ارتفع بنسبة 22%؛ وهذا يساوي أكثر من 200% من الزيادة التي حدثت في سوق التداول في عهد باراك أوباما كله.

ولكن يرى الكثير من المحللين أن كلام ترامب عاطفي نوعًا ما، وأنه في حالة عزله لن يتضرر الاقتصاد بالشكل الذي تحدث عنه، وإن لم ينكروا احتمالية تأثر أسعار الأسهم في السوق الأمريكية بالسلب، وإن كان هذا أيضًا يمكن تداركه من قِبل مايك بنس نائب رئيس الولايات المتحدة، الذي سوف يصبح الرئيس كما ينص الدستور في حالة عزل ترامب، فكل ما على بنس فعله، أن يتبع كافة سياسات ترامب الاقتصادية التي تأتي في صف المستثمرين ورجال الأعمال، بالإضافة إلى إنهاء الحرب الاقتصادية مع الصين، وإلغائه للتعاريف الجمركية التي فرضها ترامب، ليتم تدارك الأمر بسرعة ولا تخسر البورصة الأمريكية خسارة كبيرة.

ويمكن القول إنه من الواضح عدم وجود أي خطوات رسمية لعزل دونالد ترامب من منصبه قبل التجديد النصفي القادم، حتى نعرف هل سيصل مولر ولجنته إلى أدلة أخرى تدين ترامب؟ وهل سينجح الديمقراطيون في استعادة الأغلبية في الكونجرس والتمهيد لعزل ترامب؟ وهل يُعزل ترامب ويصل مايك بنس الذي يخشاه الكثير من الليبراليين في العالم بسبب مواقفه وآرائه ضد المتحولين والمثليين جنسيًّا؟

هذه الأسئلة سوف تجيب عنها الأيام القادمة، التي من الممكن أن تصبح أيامًا مصيرية في تاريخ السياسة الأمريكية.

 

هذا المحتوى نقلا عن ساسة بوست

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن