الخوف من ما بعد الطوفان في غزة

شعار صحيفة الوطن اليوم الإلكترونية
شعار صحيفة الوطن اليوم الإلكترونية

الخوف من ما بعد الطوفان في غزة
بقلم: د. كامل خالد الشامي
أستاذ جامعي وكاتب مستقل
جامعة غزة

ما زال الخوف سيد الموقف بعد انحسار المنخفض الجوي اليكسا الذي جاء هذه المرة شديدا وأسقط ما قيمته حوالي 80% من المتوسط السنوي للإمطار الذي يبلغ 380 ملم في العام, في أيام قليلة فقط , وجرت خلالها الأمطار في الوديان وجرفت الطرقات والجقول ودخلت إلي منازل السكان وألحقت بها الكثير من الأضرار.

الطرقات في غزة مهترئة, واغلبها بدون شبكات لتصريف مياه الأمطار, وكثير من المباني مخالفة لمواصفات البناء, وبعضها مبني مخالفا للتضاريس الهينة في السهل الساحلي الجنوبي من فلسطين, وأكثر المناطق تضررا المخيمات إلي شيدت كمباني مؤقتة منذ أكثر من 60 سنة ولكنها بقيت بآلامها وأحلامها, وأصبحت مع الوقت مكتظة وآيلة للسقوط لعدم إمكانية ترميمها , ولا يستطيع سكانها ترميمها نظرا لظروفهم الاقتصادية الصعبة, ويموت بعض سكانها من حين إلي حين من شدة البرد أو من الغرق.

انحسار اليكسا وهو المنخفض الضخم الذي حذر منه خبراء الأرصاد الروس والذي لم يسبق أن عرفت البلاد ضيفا ثقيلا مثله علي مدي المائة سنة الفائتة, ولكن حتى ولو تم التحذير منه مسبقا, فماذا نحن فاعلون في غزة؟ لا يوجد إمكانيات لعمل شيء , فغزة أصبحت علي الجنط خالية تقريبا من كل ضروريات الحياة, والبلديات لا تجد مرتبات لموظفيها, والحصار ينهشها شيئا فشيئا.
الأمطار المرعبة التي سقطت علي غزة, تسقط كل يوم علي المانيا وسويسرا, ولا تخرج سيارة واحدة للدفاع المدني للمساعدة, لأن البنية التحتية بها مشغولة بطريقة صحيحة ومحسوب حساب الأمطار الانهمارية والشديدة.

لقد بينت اليكسا المرعبة أخطاء  المباني وطريقة بنائها وأماكن بنائها, التي لم يراعي فيها الموقع الخاص, فالمباني المتضررة مبنية في مناطق منخفضة وفي الأودية والأودية الفرعية وفي المنخفضات التي نتساب إليها مياه لأمطار عادة.

ربما نستوعب درسا مهما من كل ما حدث وهو أن نقوم بعمل شبكة لتصريف مياه الأمطار في الأماكن الأكثر تضررا , وليس مهما الآن أن تكون هذه الشبكة من الطراز السويسري الفاخر, فشبكة قنوات مفتوحة تؤدي الغرض, وهذا ما فعلته الكثير من المدن الأوروبية بداية, واستطاعت من خلاله تلافي الكثير من الأضرار,

بقي أن أقول إن المنخفضات الجوية  الغاضبة مثل منخفض اليكسا لا تأتي دائما وباستمرار, وعلينا أن نخرج  الآن من مرحلة الخوف ونعود تدريجيا إلي حياتنا اليومية , فالحياة مستمرة.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن