القضية الفلسطينية لن تشغل بال ترامب وكلينتون

جمال حماد المقيد
جمال حماد المقيد

اعداد الباحث / جمال حماد المقيد

غزة / فلسطين
1 / 11 / 2016

قال الدكتور وجيه أبو ظريفة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة “شيكاغو” الأمريكية، والمحلل السياسي الفلسطيني، إن القضية الفلسطينية لم تأخذ حيزا كبيرا في برامج مرشحي الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب وهيلاري كلينتون، موضحاً أنه عند التطرق إليها كان التركيز ينصب على دعم إسرائيل والالتزام بحمايتها وضمان أمنها.

وأضاف أبو ظريفة أن كلا المرشحين أصدقاء لإسرائيل، وسيواصلان تطبيق السياسة الأمريكية القائمة في الشرق الأوسط على ضمان أمن اسرائيل وتفوقها وحماية مصالح أمريكا في الخليج وضمان السيطرة والتحكم بشكل منفرد في الإقليم.

وقال أبو ظريفة، والمتواجد حاليا في غزة التي تنحدر أصوله منها، إنه “لن يكون هناك تأثير كبير على إسرائيل بعد الانتخابات الأمريكية، لأن ضمانات المساعدات التي وقعها أوباما بقيمة ٣٨ مليار دولار لمده 10 سنوات وأيضاً برامج التعاون في أغلبها تحت إدارة البنتاجون”.

وأضاف أن “هذا الأمر ينطبق على السلطة الفلسطينية إذا لم يحدث تغيير دراماتيكي خاصة في مرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس لأن أمريكا تريد أن تحافظ على الوجود الحالي للسلطة دون تغييرات جذرية قد تؤدي إلى مواجهة مع إسرائيل وهي ستستمر في دفع السلطة تجاه المفاوضات وتحاول أن تضغط عليها من أجل عدم وقف التنسيق الأمني أو تحدي إسرائيل سياسيا ودبلوماسيا”.

وعن القضايا التي تلقى اهتماما لدى المرشحين، قال أبو ظريفة، إن كلا المرشحين يوليان أهمية أكبر للقضايا الداخلية التي تهم المواطن الأمريكي، مشيراً إلى اهتمامهم بالشرق الأوسط لا يتعدى الحرب علي الاٍرهاب ومواجهة داعش والقاعدة وفي نفس الوقت مواجهة التحديات الأمنية في المنطقة العربية باعتبارها مصدر النفط والغاز اللازم للولايات المتحدة وحلفائها وضمان حماية مصالح الولايات المتحدة في المنطقة في مواجهة التمدد الروسي في الإقليم.

وأشار إلى أن السياسة الأمريكية لا يصنعها الرئيس فقط بل يشاركه الكونجرس ومؤسسات الدولة الأخرى، لذلك فإن أيا من المرشحين لا يمتلك رؤية واضحة لكيفية حل الصراع العربي الإسرائيلي، رغم أن مؤسسات الحكم بأمريكا لا تزال ترى أن حل الدولتين عبر مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو الحل الوحيد للصراع، ولكن كل منهما لديه رؤية مختلفة عن ماهية الدولة الفلسطينية وغيرها من القضايا الخلافية بين الطرفين.

وقال إنه “ليس من السهل التغيير الجذري في السياسة الأمريكية ولكن لو فازت كلينتون بالتأكيد ستواصل سياسة أوباما، خاصة وأنها كانت وزيرته للخارجية لوقت ما وبالتالي لن تقوم بتغييرات كبيرة في سياستها الخارجية والتي لم تؤد إلى نتائج هامة في الموضوع الفلسطيني”.

وأضاف أنه “في حين لو فاز ترامب سيكون أكثر سوءا من كلينتون خاصة أنه يتحدث صراحة عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وشرعنة المستوطنات”.

وقال إن “الشرق الأوسط سيحظى بتركيز كبير من الإدارة الأمريكية الجديدة لتستمر في مواجهة ومنع التمدد الروسي خاصة في سوريا واستمرار الضغط على الدول العربية التي لم تصلها رياح الربيع العربي من أجل إصلاحات ديموقراطية إضافة إلى مواصلة استنزاف مالي لكل الدول الغنية وبيع مزيد من الأسلحة وضمان تدفق النفط بأقل الأسعار مع استمرار العمل على خلق شرق أوسط جديد أقل خطرا على إسرائيل وغير قابل للاتحاد وتدعيم فرص الانقسامات والتقسيم في بعض الدول”. ( 1 )

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية أمس الاثنين إن المرشحين للرئاسة الأميركية دونالد ترامب وهيلاري كلينتون حاولا استرضاء إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية في تنافس على الأصوات اليهودية في الولايات المتحدة.

وكانت الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري ترامب قالت الأحد ان ترامب أبلغ نتانياهو خلال اجتماع دام أكثر من ساعة في «برج ترامب» في نيويورك أن الولايات المتحدة في ظل إدارته ستعترف بالقدس «عاصمة موحدة لإسرائيل»، في انتقال كبير في سياسة الولايات المتحدة إزاء هذه القضية، بينما تعهدت كلينتون العمل على بقاء إسرائيل دولة يهودية قوية.

وذكرت الوزارة في بيان بعد التصريحات الصادرة عن حملتي المرشحين الذين التقيا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس، أن كلاهما عمل على «تقديم تعهدات والتزامات على حساب الحق الفلسطيني المشروع وعلى حساب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية».

وأضافت أن «هذه التصريحات تأتي لتعكس مصلحة ذاتية لكل من المرشحين، من دون أي التزام بالقانون الدولي أو بأخلاقيات العمل السياسي والديبلوماسي».

وترى الخارجية الفلسطينية في هذه التصريحات «خروجاً واضحاً عن المواقف التقليدية للإدارات الأميركية المتعاقبة والالتزامات والمسؤوليات الدولية المناطة بالولايات المتحدة، بصفتها أحد أهم أقطاب الرباعية الدولية والراعي الأساس لعملية السلام في الشرق الأوسط».

ونقل بيان الخارجية الفلسطينية عن الحملة الانتخابية للمرشحة الديموقراطية كلينتون قولها انها «ستعارض أي محاولة لفرض حل خارجي للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، وأي خطوة أحادية في الأمم المتحدة، إضافة إلى تعهداتها العمل لبقاء إسرائيل دولة يهودية قوية».

وشدد البيان على أن «دولة فلسطين لن تقبل أن تكون الثمن الذي يُدفع في مقابل الحصول على بعض الأصوات اليهودية في الانتخابات الرئاسية الأميركية»، داعية المرشحين إلى إعادة النظر في تصريحاتهما. ( 2 )

لأول مرة يجرؤ مرشح أميركي رئاسي جمهوري أو ديمقراطي على تحدي ما يسمى بالحكمة التقليدية في الانتخابات الرئاسية، وأن يكون محايدا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فقد صمد ترامب أمام أسئلة المحاور ومزايدات كل من ماركو روبيو وتيد كروز اللذين بالغا بتأييدهما المعهود للدولة العبرية، ووصف الصراع بأنه قضية تتعلق بالإرهاب ولا مكان للحياد.

وقال ترامب إن أحد الأهداف التي يصبو إلى تحقيقها حال وصوله للرئاسة هو “تحقيق السلام بين إسرائيل وجيرانها”، وهو لا يعتقد أن هذا يمكن أن يتحقق بتصنيف طرف بالخيِّر والآخر بالشرير.

ورغم تأكيد ترامب أنه موالٍ لإسرائيل إلا أنه قال إن على المفاوض ألا يتبنى موقف طرف ضد آخر، وبهذا يغرد ترامب خارج سرب الجمهوريين، وقد يفتح النار عليه من اللوبي المؤيد لإسرائيل ويخسره أصوات الإنجيليين الذين يؤيدون إسرائيل بشكل أعمى.

واشتبك ترامب في المناظرة التلفزيونية الأخيره قبل عقد الانتخابات التمهيدية في 12 ولاية بما يسمى يوم الثلاثاء العظيم مع السيناتور ماركو روبيو الذي قال “إنه عندما يتعلق الأمر بإسرائيل لا توجد منطقة حيادية”.

وقال روبيو إن إسرائيل عرضت على الفلسطينيين صفقات جدية لكنهم الطرف الذي لا يمكن الثقة به.

وأضاف “إن الفلسطينيين يعلمون أطفالهم ذوي الرابعة من العمر بأن قتل اليهود أمر عظيم، وإن الجيش الإسرائيلي يدافع عن نفسه أمام صواريخ حماس وإرهاب الفلسطينيين”، على حد زعمه.

وربما هجوم روبيو كان متوقعا، فقد أيد اللوبي الإسرائيلي ترشحه في الكونغرس، وتعهد المليادير اليهودي شلدون أدليسون بدعم حملته بملايين الدولارات، وهي نقطة أخرى يستخدمها ترامب ضد منافسيه بأنه لن يخضع لإملاءات أي لوبي، لأنه يمول حملته من أمواله.

ومن ناحية أخرى، تعهد السيناتور كروز بنقل السفارة الأميريكية من تل أبيب إلى القدس حال انتخابه.

ووقف ترامب الحيادي من القضية الفلسطينية يتناقض مع موقفه ضد المسلمين حين قال إنه سيوقف دخولهم مؤقتا إلى الولايات المتحدة إلى حين إيجاد طريقة للقضاء على تنظيم داعش.

أما تأثيرات مواقف ترامب وحياده بالتعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي ستتكشف آثارها يوم الثلاثاء المقبل، حيث ستجري الانتخابات الأولية، وإذا أصبح بالفعل المرشح الذي بات من الصعب إيقافه أم أن الناخب سيفكر مرتين قبل التصويت له.( 4 )

يبدو أن أغلب المؤشرات المتوفرة تشير إلى أن فرص فوز كلينتون متقدمة على ترامب. ومن المؤكد أن دور الرئيس الأمريكي يبقى أسير القيود الدستورية وموازين القوى السياسية والتطورات الدولية، لكن توجهاته الذاتية تلعب دوراً في هذا الإطار. من ناحية أخرى، تدل الانتخابات الرئاسية الأمريكية على أن المواقف السياسية خلال الانتخابات لن تكون بالضرورة موضع التزام من الرئيس في حال فوزه.

إن موقف كلا المرشحَيْن منحاز بشكل كبير لـ”إسرائيل” طبقاً لتصريحاتهما وخطبهما لا سيّما أمام جماعات الضغط اليهودية، لكن الإطار الفكري لكل منهما يختلف عن الآخر، إذ يبدو ترامب أكثر ميلاً لنزعة العزلة النسبية (وهو أمر مخالف لتقاليد الحزب الجمهوري)، بينما تبدو كلينتون أكثر ميلاً لقدر من التدخل على المسرح الدولي.

أما على المستوى الفلسطيني والمتأثر بالمستوى الدولي، فإن كليهما سيمارس قدراً من الضغط على الطرف الفلسطيني، وستكون حركات المقاومة، خصوصاً حماس والجهاد، مركز تلك الضغوط، وهو ما يستدعي منهما الحذر الشديد في التعامل مع البيئة الشرق أوسطية، والعمل على النأي عن التدخل في “الشأن الداخلي العربي” سياسياً وإعلامياً في الظروف الحالية.

مقدمة:

ثلاثة أسئلة مهمة تربط بين موضوع القضية الفلسطينية وبين انتخاب الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة:

1. من سيفوز: المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون أم المرشح الجمهوري دونالد ترامب؟

2. ما هي مواقف كل من المرشحين من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟

3. كيف سيكون انعكاس نتائج الانتخابات الأمريكية على مستقبل القضية الفلسطينية؟

أولاً: من سيفوز:

مجموعة من المؤشرات تشير إلى أن احتمالات تفوق هيلاري كلينتون تتجاوز احتمالات فوز ترامب:

1. أغلب استطلاعات الرأي العام وتقارير المؤسسات المالية (مثل وول ستريت) تشير لتفوق كلينتون.

2. الصوت اليهودي الفاعل والنشط يميل تقليدياً للمرشح الديموقراطي، وهو ما توضحه سجلات الانتخابات الأمريكية.

3. مقارنة نفقات الحملات الانتخابية تشير إلى أن الأكثر إنفاقاً كان الفائز منذ سنة 2000، وتتفوق نفقات الحملة الانتخابية لكلينتون (187 مليون دولار) مقارنة بنفقات حملة ترامب (49 مليون دولار).

4. هناك ميل في المجتمع الأمريكي لانتخاب أول “امرأة” كرئيس بعد انتخاب أول “أسود”.

5. فارق الخبرة السياسية يميل لصالح كلينتون، فهي عملت عضواً في الكونجرس الأمريكي، ووزيرة خارجية، بينما يفتقد ترامب للخبرة الديبلوماسية.

6. هناك قدر من المعارضة في النخبة الجمهورية لانتخاب ترامب (وهو ما اتضح في رسالة 121 من خبراء السياسة الخارجية في الحزب الجمهوري ممن يعارضون انتخاب ترامب) .

7. إن دراسة أكاديمية تعتمد على أحد نماذج الدراسات المستقبلية، الذي وضعه أستاذ جامعي هو آلان أبراموفيتز Alan Abramowitz من جامعة إيموري الأمريكية تتوقع أن يفوز ترامب استناداً لبعض المؤشرات الاقتصادية (وهو نموذج نجح في تنبؤاته منذ انتخابات 1992) .

ثانياً: موقف كل من المرشحين من الموضوع الفلسطيني:

من الضروري —في فترات السباق الرئاسي في الولايات المتحدة بشكل خاص والعالم بشكل عام— أخذ تصريحات المرشحين نحو أيّ قضية داخلية أو خارجية بقدر كاف من الحذر نظراً لأن “الدعاية السياسية لجلب المؤيدين” تختلف عن الموقف المحدد عند تولي المنصب ومواجهة الواقع. وهو ما يستوجب تحديد السمة العامة للتوجهات السياسية الخارجية لكل من المرشحين ترامب وكلينتون، وعدم فصل هذه التوجهات نحو الموضوع الفلسطيني عن السمة العامة لتوجهات المرشح نحو القضايا الدولية الأخرى.

يتسم ترامب بأنه أقل خبرة في الشأن الدولي مقارنة بكلينتون، لكن السمة العامة لتوجهاته الخارجية هي أنه “أمْيَل لسياسة العزلة وعدم التدخل الخارجي”، ويميل لمطالبة الدول الحليفة للولايات المتحدة سواء في حلف الناتو أم اليابان أم دول الخليج بتحمل المزيد من الأعباء المالية في نطاق العلاقات الدولية، كما أنه ناقد حاد للأمم المتحدة التي يرى أن الولايات المتحدة تتحمل عبئاً مالياً فيها دون نتائج ملموسة، وهو صاحب الدعوة لمنع المسلمين من الدخول للولايات المتحدة، كما يبدو أنه أكثر تحفظاً تجاه طبيعة العلاقات السعودية الأمريكية.

ويبدي ترامب نظرة معارضة بقوة للاتفاق النووي الأمريكي الإيراني، مؤكداً أنه سيعمل على عرقلة هذا الاتفاق لا سيّما فيما يتعلق بالوفاء الأمريكي بالالتزامات المالية تجاه إيران طبقاً للاتفاق، متهماً الحكومة الأمريكية بالوقوع في الفخ الإيراني. وقال في خطاب له أمام اللوبي اليهودي (الأيباك) في آذار/ مارس 2016 بأنه “سيفكك الاتفاق الكارثي مع إيران”، متهماً إيران بأنها “تموِّل حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله.. وأنه سيعمل على “تفكيك شبكة إيران الإرهابية” .

بالمقابل تميل كلينتون لنزعة تدخلية خارجية —بالرغم من أسفها على تأييدها لغزو العراق خلال عضويتها في مجلس الشيوخ— وهي مع تكثيف الضربات في سورية والعراق ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتطالب بمنطقة حظر جوي في سورية، وباستمرار تَحُّمل الولايات المتحدة لدورها —بالرغم من الأعباء المالية والبشرية لذلك— على المستوى الدولي… .

لكن المسافة الفاصلة بين المرشحين في الموضوع الفلسطيني لا تشير لفارق كبير، وقد أثارت تصريحات ترامب خلال الانتخابات التحضيرية للترشيحات الحزبية، والتي أشار فيها بأنه سيتخذ موقفاً “محايداً” في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، هواجس إسرائيلية ، وهو الموقف الذي رفضته كلينتون أمام الأيباك قائلة: “لا يمكن أن نكون محايدين، فنحن نرى أنفسنا في الموضوع الإسرائيلي”، وقد فسرت افتتاحية لوس أنجلوس تايمز الأمريكية موقف “الحياد” من طرف ترامب بأنه “لتشجيع الفلسطينيين عن الانخراط ثانية في التفاوض مع إسرائيل” .

وقد عرفت علاقة “إسرائيل” مع هيلاري كلينتون خلال توليها الخارجية الأمريكية بين 2009-2013 بعض التباين مع “إسرائيل” لا سيّما في نطاق الموقف الأمريكي الناقد لاستمرار الاستيطان في الضفة الغربية.

إن كلاً من المرشحَين يطالب بأن تكون المفاوضات بين الطرف الفلسطيني والإسرائيلي هي الأساس في تحديد شكل التسوية، أي أنهما لا يريدان دوراً محدداً للأمم المتحدة أو المجتمع الدولي في هذا الجانب تحديداً، وذلك يعني أن موضوعات القدس واللاجئين والحدود متروكة للتفاوض بين السلطة الفلسطينية و”إسرائيل”، أي لميزان القوى الثنائي، وهو ما يعني توفير البيئة المناسبة للطرف الإسرائيلي لممارسة كافة الضغوط المتوفرة على الطرف الفلسطيني لتحصيل أكبر قدر من المكاسب.

ويرى ترامب أن الدور الأمريكي يجب أن يقتصر في المفاوضات بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على دور “الميسر للتفاوض facilitator of negotiations”، وقد انتقد في هذا السياق “ضعف وعدم كفاءة الأمم المتحدة”، رافضاً فكرة فرض حلّ في القضية الفلسطينية من خلال الأمم المتحدة، قائلاً “إن الحل يجب أن يكون من خلال مفاوضات الأطراف، وأنه سيستخدم الفيتو ضدّ أيّ حلّ يتبناه مجلس الأمن الدولي”؛ وهو موقف تسانده كلينتون أيضاً، فهي قد أكدت أمام الأيباك على ضمان تفوق “إسرائيل” النوعي عسكرياً، وبتزويدها بالصواريخ وتكنولوجيا الكشف عن الأنفاق وتهريب السلاح، ومنع الهجمات “الإرهابية”، وترفض أيّ حلّ تفرضه الأمم المتحدة من خلال مجلس الأمن الدولي. وهي ترى أن نزعة “معاداة السامية” تتنامى في أوروبا، وتقول إنها كتبت رسالة لمؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية في سنة 2015 أكدت فيها على معارضتها التامة لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (بي دي أس) Boycott, Divestment and Sanctions (BDS) campaign .

أما موقف المرشحين من “المقاومة الفلسطينية”، فمع رفض كل منهما لفكرة المقاومة المسلحة، إلا أن ترامب يبدو أكثر “كراهية” للمقاومة المسلحة من ناحية، ولطبيعتها الإسلامية من ناحية ثانية، وقد اتهم كلاً من حركتي حماس والجهاد الإسلامي تحديداً، بتربية الأطفال الفلسطينيين على “العنف وكراهية اليهود”، ناهيك عن اشتراطه قبول الفلسطينيين بـ”يهودية” الدولة الإسرائيلية؛ كما أبدى تشككه في النزعة السلمية لدى الطرف الفلسطيني، مشيراً إلى أن نزعة الإسرائيليين للسلام هي الأوضح .

وبالرغم من أن كليهما يرفض استمرار الاستيطان في الأراضي المحتلة سنة 1967، وهو ما أكدته كلينتون في خطابها أمام الأيباك، لكن ذلك الخطاب الذي تألف من 3,301 كلمة، لم يشتمل إلا على 15 كلمة، يُستشفُّ منها نقدٌ لسياسة نتنياهو، حيث قالت “على كل طرف أن يقوم بما عليه بتجنب الأعمال المعطلة، بما فيها ما يتعلق بالمستوطنات”، وهو موقف ترامب نفسه من الاستيطان، لكن أياً منهما لم يحدد أي إجراء عملي لمنع هذا الاستمرار، كما أنهما يرفضان التوسع في الاستيطان، لكنهما لا يشيران إلى المستعمرات القائمة فعلاً وما هو مصيرها، كما لا يحددان ما إذا كانت القدس —بتعريفها الإسرائيلي— تدخل ضمن الاعتراض على الاستيطان أم لا، لا سيّما أن ترامب وعد أمام الأيباك بنقل السفارة الأمريكية لما أسماه “عاصمة إسرائيل التاريخية”، وهو وعدٌ سبق للعديد من الرؤساء الأمريكيين أن وعدوا به دون تنفيذٍ له بعد ذلك.

ويعلن المرشحان عن قبولهما بحل الدولتين كفكرة عامة، لكن تفاصيل تحقيق هذا الحل والأسس التي سيبنى عليها ليست واضحة، وهو ما يعني أنهما أميل لترك تفاصيل تحقيق ذلك للمفاوضات بين الطرفين، ويكفي التذكير بأن كلينتون أيدت سنة 2005 في أثناء عضويتها لمجلس الشيوخ الأمريكي بناء جدار الفصل العنصري، كما أنها صوتت في حرب 2006 بين حزب الله و”إسرائيل” ضدّ قرار في الكونجرس يمنع إرسال القنابل العنقودية للدول التي تستخدمها ضدّ المدنيين…، كما أبدت تفهماً لحصار قطاع غزة من قبل “إسرائيل” .

وبالرغم من الإشارة في بعض المواقع إلى اقتراح ترامب سنة 2014 لنقل الفلسطينيين إلى بورتوريكو خلال مؤتمر صحفي في مانهاتن، وتوفير فرص السكن والعمل لهم، مشيراً إلى أن مساحة بورتوريكو تزيد في مساحتها ألف ميل مربع عن مجموع مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة ، إلا أن التدقيق في هذا التصريح يشير لملابسات عدة، أهمها أن الفكرة تمّ نقلها عن رسوم هزلية وردت حول شخصية ترامب.

ثالثاً: المستقبل في ظلّ الرئيس الجديد:

من الضروري الأخذ في الاعتبار أن النظام السياسي الأمريكي الذي يمنح الرئيس سلطات واسعة، لا يعني أنه لا يقيده بقيود قانونية من ناحية (خصوصاً الدستورية منها)، والقيود الواقعية من ناحية ثانية (خصوصاً جماعات المصالح ووسائل الإعلام وتوجهات الرأي العام)، ناهيك عن أن السياسة الخارجية أقل عناية لدى الشارع الأمريكي من قضايا السياسة الداخلية كالبطالة والضمان الصحي ومعدلات الضريبة…إلخ من ناحية ثالثة.

ما سبق، يشير إلى أن انتقال كرسي الرئاسة لأي من المرشحين (كلينتون أو ترامب) قد يعني ما يلي:

1. أن المسافة السياسية الفاصلة بين أي من المرشحين وبين الموقف الإسرائيلي، هي مسافة قصيرة للغاية، وربما تكون قضية الاستيطان هي الأكثر بعداً في هذه المسافة.

2. أن لجوء أيٍّ من المرشحَيْن “للضغط الفعلي” على “إسرائيل” سواء لوقف الاستيطان، أم إلغاء ضمّ القدس، أم تعيين الحدود، أم التعامل مع حركات المقاومة بشكل مباشر، هو أمر مستبعد، استناداً لبنية السياسة الأمريكية والبرامج الانتخابية لكل من المرشحين.

3. قد تكون كلينتون هي الأقرب لمحاولة تفعيل المبادرة العربية لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي، لكنها ستعمل على تكييف بعض بنود المبادرة بشكل يجد قبولاً أكثر من “إسرائيل” للمبادرة، وقد تعمل على زيادة الضغط على دول عربية لمزيد من الانفتاح والتطبيع مع “إسرائيل” لا سيّما من قبل بعض دول مجلس التعاون الخليجي.

4. قد يعمل ترامب (في حال فوزه) على فرض مزيد من الأعباء المالية على دول الخليج، وقد يدفعها للتضييق بقدر ما على المساعدات للسلطة الفلسطينية (لدفعها نحو مزيد من التنازلات)، كما سيشدد إجراءات التضييق المالي على حركات المقاومة في غزة.

5. لن يكون لمجلس الأمن أثر ذو معنى في مشاريع التسوية إذا ما فاز أي من المرشحَيْن، وهو ما يعني ترك الطرف الفلسطيني في مواجهة ميزان قوى مختل تماماً لغير صالحه.

6. ستبقى تداعيات “الاضطراب العربي” هي الأكثر عناية من الطرف الأمريكي (أياً كان الفائز) على حساب القضية الفلسطينية، حتى لو تم العودة لها في ظروف ومناسبات معينة.

رابعاً: استنتاجات وتوصيات:

في ظلّ الظروف العسيرة للغاية التي تواجه الموضوع الفلسطيني، من تراجع الموضوع الفلسطيني في اهتمامات الدول العربية أو الدولية، إلى انهيار ما يمكن أن يسمى النظام الإقليمي العربي، والحرج الذي تواجهه حركات المقاومة في أيّ علاقة مع إيران كعامل مساند لهذه الحركة، ناهيك عن التضييق المتواصل على الإسلام السياسي في العالم العربي، إلى تراجع أسعار النفط وانعكاس ذلك على احتمالات الدعم المادي العربي؛ فإن على حركات المقاومة أن تستعد لمواجهة وضع قد يكون الأكثر صعوبة وتعقيداً في التاريخ الفلسطيني المعاصر.

وفي ظلّ هذه الظروف، قد يكون من المجدي التفكير في النقاط التالية:

1. إن استمرار الانقسام الفلسطيني يشكل ثغرة هائلة، لكن احتمالات سدّ هذه الثغرة تبدو ضئيلة للغاية نظراً لتباعد المنظور السياسي للطرفين.
2. قد يكون من الأجدى لحركات المقاومة أن تبتعد إعلامياً وسياسياً عن أيّ مواقف في الشأن الداخلي لأيّ دولة عربية في الظروف الحالية، ولا بدّ أن ينعكس ذلك في وسائل إعلامها، خصوصاً تجنب بعض المفاهيم والإشارات التي تشي بانحياز لموقف داخلي ما في أيّ دولة عربية وتحديداً مصر وسورية.
3. إن إعادة الموضوع الفلسطيني للواجهة السياسية لن يتم إلا بفعل عمليات مقاومة، قد يكون تصعيد الانتفاضة أحد أبرز وسائلها على الرغم من قسوة الظروف.
4. الاستعداد لمواجهة مزيد من الضغط المالي العربي بخاصة، والضغط السياسي لاستبعاد أيّ علاقة بين حركات المقاومة وبين القوى العربية والإسلامية والدولية الداعمة لها، وهو أمر سيزداد في المرحلة القادمة سواء مع كلينتون أم ترامب.
5. قد تعمل الولايات المتحدة و”إسرائيل” في المرحلة القادمة على إدراج منظمات المقاومة الفلسطينية في قوائم التنظيمات الإرهابية التي قد يبحثها مجلس الأمن الدولي من جديد، وهو أمر لا بدّ من وضعه في الاعتبار، ومحاولة تفاديه من خلال التنسيق مع كل من روسيا والصين في هذا الجانب، ومع القوى العربية والإسلامية والدولية الأخرى.
6. من الضروري وضع مشروع للتفكير في كيفية وقف الهجرة الفلسطينية في الضفة الغربية من الريف إلى المدينة، والتفكير في كيفية تشجيع الهجرة المعاكسة من المدينة للريف، إذ إن هذه الظاهرة (الهجرة من الريف للمدينة) تهيئ الوضع لبناتوستانات (المعازل، على غرار جنوب إفريقيا) وهو سيسمح لتيسير الاستيطان في الريف الفلسطيني.
* يتقدم مركز الزيتونة للدكتور وليد عبد الحي بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.
لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

>> تقدير استراتيجي (90): مسارات القضية الفلسطينية في برامج مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية Word
(6 صفحات، 89 KB)
>> تقدير استراتيجي (90): مسارات القضية الفلسطينية في برامج مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية

يتبارى المرشحان للانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة الاميركية فيما بينهما على مغازلة اسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية؛ في محاولة لإرضاء اللوبي “الصهيوني”، والجماعات المتطرفة الموالية لـ”إسرائيل” في الولايات المتحدة، وكسب أصواتهم للوصول إلى سدة حكم البيت الأبيض .

ورغم التراشق المحتدم الذي أظهرته المناظرة الأولى بين المرشَحيْن لانتخابات الرئاسة الأميركية الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب، بشأن الاقتصاد، والسياسة الخارجية لكل من الحزبَين(الديمقراطي والجمهوري) ، إلّا أنهما اتفقا على رعاية مصالح إسرائيل على حساب حقوق وثوابت

مراقبون وسياسيون فلسطينيون رأوا أن دعم المُرشَحَين الأمريكيَيَن للرئاسة الأمريكية الواضح لإسرائيل في سياق حملاتهما الانتخابية ناتج عن إدراكهما أن دعم الاحتلال وكسب أصوات اللوبي “الصهيوني” والموالين له في الولايات المتحدة سيمكنهما من الصعود إلى سدة الرئاسة.

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد، رأى أن السياسة الأمريكية الموالية للاحتلال، والتصريحات التي أطلقها المرشحان ترامب وكلينتون، ليست بالجديدة في بازار الرئاسة الأمريكية، واصفاً تلك التصريحات بالاستفزازية وبـمثابة اعتداء على القانون الدولي، والشرعية الدولية وتسويق لشريعة الغاب في العلاقات الدولية

وفي حديث له مع صحيفة الاستقلال الفلسطينية وصف خالد تصريحات ترامب حول نقل السفارة الاميركية في اسرائيل من تل أبيب الى القدس بالاستفزازية وأضاف بأن ترامب يعرف جيدا أنه يكذب وبنيامين نتنياهو نفسه يعرف أن ترامب أيضا يكذب لأن خطوة من هذا النوع سوف تجلب ردود فعل واسعة فلسطينية وعربية واسلامية ودولية، وتمس بشكل مباشر مصالح الولايات المتحدة الاميركية ، داعيا الى التوقف عن إطلاق مثل هذه التصريحات الاستفزازية والسخيفة فوراً؛ لأن القضية الفلسطينية ليست سلعة في بازار الانتخابات الأمريكية.

وبشأن تصريحات هيلاري كلينتون وتعهدها بعدم دعم اية توجهات ضد السياسة الاسرائيلية في الامم المتحدة والمحافل الدولية أوضح خالد أن السيدة كلينتون تؤكد المعلوم في السياسة الاميركية ، التي تعهدت اسرائيل على امتداد العقود بتوفير شبكة أمان لسياستها العدوانية والاستيطانية التوسعية في المحافل الدولية وأكد ان المقارنة بين تصريحات ومواقف كل من ترامب وكلينتون على هذا الصعيد هي مقارنة بين الأسوأ والسيء وأن الغرض من تصريحات المُرشَحين كسب ود اللوبي “الصهيوني” ومخاطبة الرأي العام في أمريكا وإسرائيل للوصول لسدة الحكم.

ولفت خالد إلى أن القيادة الفلسطينية لم تعد تعوّل على سياسة الإدارة الأمريكية ، مشدداً على أن الرعاية الاميركية الحصرية لمفاوضات التسوية السياسية منذ التوقيع على اتفاقات اوسلو قبل كثر من عقدن دمّرت فرص التقدم نحو التسوية السياسية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي بسبب انحيازها الفاضح لسياسة الاحتلال العدوانية والتوسعية، وحرصها على تغطية جرائم إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان حزيران 1967. وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية عملت دائما على توفير كل أشكال الدعم لكيان الاحتلال، وعلى توفير الحصانة لدولة اسرائيل في وجه المساءلة في مجلس الأمن وهيئات حقوق الإنسان.

وطالب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بـضرورة نقل الملف الفلسطيني الى مجلس الامن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة والتوقف فوراً عن الرهان على مفاوضات التسوية برعاية أمريكية، مؤكداً أن الرهان على دور الإدارة الأمريكية بات عقيماً.

أثبتت المبارزة بين مرشحي الرئاسة الامريكية ترامب وكلينتون انّ القضية الفلسطينية أضحت في المستويات السُفلى من اهتمام العالم بها , على مدار مُناظرتين بين المرشحين لم يأت المُحاور وأي من المرشحين على ذكر القضية الفلسطينية وكانت كل القضايا محل اهتمامهما وهو ما يُثير الأسئلة ويضع القيادة الفلسطينية في خانة البحث والتفكير خارج الصندوق .

البحث يتطلّب بذل مزيد من الجهود الفلسطينية المدعومة بموقف عربي مسنوداً بمواقف الدول الإسلامية لضرورة تفعيل عقد مؤتمر دولي للسلام في باريس على أن تُطرح مبادرة عربية معدلة وجديدة , الإبقاء على خيوط اللعبة بيد الولايات المتحدة وحدها لن يُفيد وكما مرّت فترتي بوش وأوباما دون أي تقدم يُذكر ولا حتى رادع (لفظي) للاستيطان على الأقل فلتنفض القيادة الفلسطينية يدها من الوسيط الأمريكي مرة وإلى الأبد .

لقد حقّقت الديبلوماسية الفلسطينية إنجازات هامة على عدة مستويات لكنها لم تكتمل ولعلّ السبب الرئيس لذلك هو استمرار حالة الانقسام الفلسطيني على حاله وهو ما يُنذر بمزيد من التراجع على مستوى اهتمام العالم بالقضية الأعدل .
**
أصدرت الحكومة الفلسطينية قراراً بمنع ازدواج العمل وهدفها الرئيسي بذلك هو التقليل من نسبة البطالة التي يُعاني منها قطاعات واسعة من الجيل الخرّيج , سابقاً هوجمت السلطة والحكومة لعدم اتخاذها قرارات من شأنها تقليل نسبة البطالة وعندما اتخذت القرار هوجمت أيضاً !

قرارا التقاعد الاختياري ومنع العمل المزدوج سيُعطي فرصة كبيرة لسد الحاجة بتشغيل عدد كبير من الخريجين , فالموظف الحكومي الذي يعمل عملاً ثانياً لديه استعداد ليتقبل أي “أجر” لذلك يُفضله رب العمل وهذا القرار سيُعطي الأريحية للخريجين والمتميزين كما سيوقف تغوّل أرباب العمل ضد العاملين .

القرار يحتاج لتوضيحات إضافية وتحديد أكثر , فلا يُعقل أن يُترك من يملك مصنعاً ويُستهدف من يعمل “كاتباً” -بحسب تصريح وكيل العمل قطامي- لا تُفقدوا القرار بريقه وفوائده , انشروا التفاصيل وتحدثوا بالأرقام وليعلم الخريج ونشيط التواصل الاجتماعي أنّ تطبيق القرار بشكل عادل سيؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة وسيفتح مجالات واسعة لهم .

***

سياسة الرئيس أبو مازن الحالية تُوحي بنيته مغادرة المشهد خطوة بخطوة , حالة الخوف التي تُسيطر على مستويات عليا منطقية فالفراغ الذي سيسببه إصرار الرئيس على عدم الترشح لزعامة فتح ورئاسة المنظمة كما تم تسريبه سيؤدي إلى مرحلة من التنافس والتجاذب داخل التنظيم الواحد في فتح والبيت الأشمل في المنظمة .

عودة قصة “نائب الرئيس” إلى الواجهة مرة أخرى مُفتعلة وجاءت بطابع تقليدي فشل سابقاً , الفراغ الدستوري الذي يتهامس به البعض خطير , لكنه سهل وبسيط إن توفرّت الإرادة الحرة للحفاظ على الانجاز المُسمى “سلطة” .

تعيين نائب للرئيس من المستحيلات فلا نص قانوني واضح لذلك واتخاذ قرار بهذا المستوى سيفتح الأبواب على مصراعيها من جديد للتناحر على الشرعيات والمهام المنوطة بالأطر الفلسطينية المتشعبّة , في تحقيق سابق كنت قد أجريته كانت المرحلة الأصعب هي مرحلة “الستين يوم” الانتقالية في حال شغر منصب الرئيس لأي سبب كان , أما الان فبعد إجراء التعديلات على النظام السياسي الفلسطيني برمته فلن تكون تلك المخاطر موجودة , تفعيل منظمة التحرير وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة بعد عقد المؤتمر السابع لفتح سيُعطي دفعة كبيرة لمستوى العمل الداخلي الفلسطيني وحبذّا لو شاركت حماس بصياغة السياسة الفلسطينية الداخلية الجديدة بدلا ً من تكتيك “حرق الوقت” المستمر منذ سنوات .

السياسة الفلسطينية في حالة “حرجة” حتى نهاية العام وأي نتائج مشوهّة ستُلقي بظلالها على القضية برمتها وأقل الأخطار هو ترسيم الانقسام وتعزيز خطط الانفصال .( 7 )

بعد عدة أشهر، وخلال 2017، تنتظر الولايات المتحدة رئيسًا جديدًا، كما أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية سيتم عامه الخمسين، ولكن بعض أعياد الميلاد لا يجب الاحتفال بها، حيث لا تزال إسرائيل خلال احتلالها للأراضي ترسخ الحكم العسكري مع عدم وجود نهاية له.

لا يرغب الساسة الأمريكيون في مواجهة هذا الواقع، ولكن بالفعل الوضع خطير، مما دفع الصحفي جاي مايكلسون، في صحيفة فورورد، لكتابة مقال “كسياسة مؤقتة الاحتلال ظالم.. وكسياسة دائمة هو دولة فصل عنصري”.

لحسن الحظ، كل من دونالد ترامب وهيلاري كلينتون لديهما حلول جيدة وفعالة لأصعب المشاكل، بالطبع هي مزحة، على الرغم من أن العالم كله يعرف أن الحل الدائم للصراع أمر حتمي لتحقيق السلام في المنطقة، إلا أن المرشحين للرئاسة الأمريكية ليس لديهما نية للتقدم نحو السلام في الشرق الأوسط.

الأمر لا يثير الدهشة، فلا يبدو أن دونالد ترامب يعرف أين يقف، ولكنه قد يقف ضد القضية الفلسطينية بشدة، في يناير 2013 سجل ترامب فيديو يؤيد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولكن بحلول ديسمبر 2015 قال ترامب لوكالة أسوشيتد برس إنه سيكون محايدًا عند التفاوض على اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، متسائلًا ما إذا كانت إسرائيل مستعدة للتضحية بعض الشيء للتوصل إلى اتفاق.

ولكن بعد ذلك، بحلول مارس 2016، غير ترامب موقفه مرة أخرى، وقال إنه غير ممكن أن يكون محايدًا، وفي شهر مايو قال لصحيفة الديلي ميل إن إسرائيل يجب أن تحافظ على المضي قدمًا في بناء المستوطنات الجديدة في الضفة الغربية، ضاربًا عرض الحائط بخمسة عقود لسياسة الولايات المتحدة.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي يونيو الماضي شارك مستشار ترامب للشؤون الإسرائيلية، ديفيد فريدمان، وقال لصحيفة هآرتس الصهيونية إن ترامب ربما يدعم أجزاء من الضفة الغربية، وإن الدولة الفلسطينية ليست أمرًا حتميًّا لدى السياسة الأمريكية على الإطلاق.

يأتي دور هيلاري كلينتون، وهي السياسية التي لم ترَ حربًا قط ولم تصوت لصالحها، ليكون خطابها عدائيًّا أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية “إيباك”، في مارس الماضي، ووعدت بعدم وجود حل جديد للصراع، ولكن سيكون هناك درع لإسرائيل ضد الضغط العالمي وحركات المعارضة غير العنيفة على تصرفات إسرائيل والنشاط الاستيطاني غير المشروع.

يكرر الحزب الديمقراطي خطابًا مشابهًا لكلينتون، معلنًا أن إسرائيل تستحق الأمن، أما الفلسطينيون فلا يستحقون، في حين أنهم يجب أن يكونوا أحرارًا ليحكموا أنفسهم. وكسياسية متمرسة، تعلم كلينتون جيدًا أن كل الخيارات مهمة.

حين تَنافَسَ قادة الحزب الديمقراطي على المنصة في عام 2016، اقترح جناح بيرني ساندرز تعديلًا يدعو لإنهاء الاحتلال والمستوطنات غير الشرعية، وفشل هذا الاقتراح بعد التصويت ضده بنتيجة 73 – 95، ولكن الحزب شدد على أن يعيش الفلسطينيون بكرامة.

صوتت المنصة الجمهورية ضد الفلسطينيين، رافضة بشدة فكرة أن إسرائيل دولة محتلة.

يعكس موقف الحزبين أن الديمقراطيين يصرون على الوضع الراهن الذي تحكمه اتفاقات أوسلو عام 1993، ولكن الجمهوريين يغازلون الإسرائيليين.

هناك أكثر من 350 ألف مستوطن يعيشون في الضفة الغربية، و300 ألف في القدس الشرقية، أي ضعف العدد منذ توقيع اتفاقات أوسلو، والتي تنتهك حتى الآن، كما تنتهك اتفاقية جينيف الرابعة التي تحذر قوة الاحتلال من نقل مواطنيها إلى الأراضي التي تسيطر عليها أو تهجير من يعيشون فيها.

على الرئيس القادم للولايات المتحدة أن يعترف بحماقة النهج السياسي الحالي وأن يبحث عن حلول جديدة، فيجب على الإدارة الجديدة التركيز على حل الدولتين، وإعادة النظر في الآليات، بما في ذلك المساعدات الموجهة؛ لضمان حقوق الإنسان لكافة القاطنين بين البحر المتوسط ونهر الأردن.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن