اللقاء “العلني” الأخير بين رئيس سلطة التنسيق الأمني ووزير دفاع إسرائيل

اللقاء
د. وليد عبد الحي أكاديمي باحث في الدراسات المستقبلية

اللقاء “العلني” الأخير بين رئيس سلطة التنسيق الأمني ووزير الدفاع الإسرائيلي

بعد عملية سيف القدس وتداعيات اغتيال نزار بنات شعرت إسرائيل أن شقوق جدار سلطة التنسيق الأمني تتسع.

عرفات رغم كل اخطائه أدرك أن هذه السلطة سلطة “كرزاي” ولا يجوز الاستمرار في الأوهام بعد كل ما جرى.

اللقاء العلني لا ينفصل عن لقاءات سرية مع كوادر التنسيق الأمني وأولوية أمن الاحتلال وإلا لماذا كان مع وزير الدفاع لا مع وزير الخارجية أو رئيس الوزراء؟

من تداعيات جريمة اغتيال نزار بنات اندلاع المظاهرات الشعبية الفلسطينية المنددة وأدت لمواجهات مع شرطة سلطة التنسيق الأمني وتزايد الانتقادات الحقوقية للسلطة.

على التنظيمات الفلسطينية المقاومة والأوفياء في فتح العمل على إنشاء سلطة بديلة بعد التشاور مع قوى تساند الحق الفلسطيني أو البحث في كيفية التخلص من هذه السلطة.

تدرك إسرائيل أن فتح تعيش انقساما حادا واهتزازا في مكانتها التاريخية واستعار التنافس داخلها بين أرامل أوسلو لمرحلة ما بعد عباس لذا تريد تعزيز مكانة أرامل أوسلو.

أولا: بيئة اللقاء

القت معركة سيف القدس في شهر أيار (مايو) الماضي ظلالا ثقيلة على وزن سلطة التنسيق الأمني الفلسطينية في تحديد الخيارات الاستراتيجية الفلسطينية، فقد أدت المعركة إلى التواصل الدولي مع حركة المقاومة، وعززت شعبية خيار المقاومة في المجتمع الفلسطيني، ناهيك عن الأداء الميداني للمقاتلين خلال المعركة، ثم توحيد الجغرافيا والديمغرافيا الفلسطينية من خلال انتقال المواجهة الى شوارع مدن الأراضي المحتلة عام 1948 ومدن الضفة الغربية، وكانت سلطة التنسيق الأمني على هامش الهامش في كل هذا.

والجانب الآخر في البيئة المحلية للقاء انه جاء بعد جريمة اغتيال الشهيد نزار بنات وما ترتب عليه من تداعيات بعد استقرار الرأي العام الفلسطيني على أن سلطة التنسيق الأمني تقف وراء الاغتيال دون أي شكوك.

وكان من تداعيات الجريمة اندلاع المظاهرات الشعبية الفلسطينية المنددة والتي ادت لمواجهات مع شرطة سلطة التنسيق الأمني، وتزايد انتقادات هيئات حقوق الانسان لهذه السلطة.

وهنا شعرت إسرائيل ان جدار سلطة التنسيق الأمني بدأت تتسع شقوقه.

ثانيا: دوافع اللقاء

أدركت إسرائيل ان حصان طراودة الفلسطيني فقد وظيفته وتعرى فأطل الفلسطينيون على من بداخله، وان شعبية سلطة التنسيق الأمني تهاوت الى الحضيض، وهو امر تؤكده كل التقارير الإعلامية المرموقة، كما تدرك إسرائيل ان رئيس سلطة التنسيق الأمني هو “في الهزيع الآخير من الليل” كما تقول التوراة، لذا أدركت ضرورة الحركة باتجاه انقاذ تلك السلطة من الهاوية التي تنزلق لها، ولإنجاز ذلك قامت بما يلي:

أ‌- تقديم قروض ومساعدات مالية لسلطة التنسيق الأمني من ناحية وتشديد الخناق الاقتصادي على غزة من ناحية ثانية على امل ان يجدي ذهب المُعزِ بعد أن فشل سيفه، فتستعيد السلطة بعض ما فقدته.

ب‌- التعنت الإسرائيلي في موضوع تبادل الاسرى لكي لا يكون الافراج عن المعتقلين الفلسطينيين رصيدا إضافيا للمقاومة، وتأخير ذلك لأطول فترة ممكنة من خلال ربط انجاز الصفقة بشروط تزرع بذور الشك في مواقف المقاومة إذا استجابت لها، فتستعيد سلطة التنسيق الأمني بعضا من مكانتها المتهاوية.

ت‌- ان اللقاء العلني ليس منفصلا عن لقاءات صامتة مع كوادر التنسيق الأمني، والا لماذا كان اللقاء مع وزير الدفاع لا مع وزير الخارجية أو رئيس الوزراء؟ لأن الأمور الأمنية هي الأولوية الأولى لا سيما بعد تنامي عدد الهجمات المسلحة على المستوطنين مقارنة بفترة ما قبل سيف القدس، ثم تطور فعاليات المقاومة في مناطق من الضفة مثل بيتا وغيرها، ويبدو ان إسرائيل بدأت تشعر بوطأة ضعف قدرات السلطة على الأداء للوظيفة المركزية لها وهي الحفاظ على الامن الإسرائيلي، وهو ما يفسر ان الفترة من بداية معركة سيف القدس حتى الآن سجلت اعلى رقم للمعتقلين السياسيين الفلسطينيين على يد الامن الإسرائيلي وامن سلطة التنسيق الأمني مقارنة بنفس المدة خلال العشر سنوات الماضية.

ث‌- تدرك إسرائيل أن حركة فتح تعيش انقساما حادا من ناحية واهتزازا في مكانتها التاريخية من ناحية ثانية واستعارا في التنافس داخلها بين أرامل أوسلو لمرحلة ما بعد رئيس سلطة التنسيق الأمني الحالي، لذا فأنها تريد تعزيز مكانة أرامل أوسلو من خلال تشجيع رئيس السلطة على تعيين نائب له تتفق إسرائيل معه عليه ليكمل الطريق، او تعزيز دور رئيس وزرائه الحالي (أو غيره) بصلاحيات ليتكرر ما وقع مع عرفات وخليفته (وللمرة الالف ادعو للعودة لكتاب مذكرات كونداليزا رايس والذي لخصته بشكل مكثف على صفحتي في فترة سابقة ليتم التعرف كيف يتم تعيين المسئولين الفلسطينيين).

أخيرا! على التنظيمات الفلسطينية المقاومة، وعلى الأوفياء في فتح ان يعملوا على انشاء سلطة بديلة بعد التشاور مع القوى المساندة للحق الفلسطيني او البحث في كيفية التخلص من هذه السلطة التي أدرك عرفات (رغم كل اخطائه) أنها سلطة “كرزاي”. ولا يجوز الاستمرار في الأوهام بعد كل ما جرى.

د. وليد عبد الحي أكاديمي باحث في الدراسات المستقبلية

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن