المجد والخلود للذاكرة الوطنية الفلسطينية

الكاتب / فادي أبو بكر

التاريخ هو عبارة عن ترتيب لأحداث الماضي، وهو نتاج كل من التراث، والذاكرة ،والماضي ، كما يعتمد على أسس علمية للوصول إلى حقائق تساعد على فهم الماضي والحاضر . الأحداث التاريخية تساعد على التنبؤ بالمستقبل .

التراث جزء من التاريخ، ولكنه أهم جزء ،فالتراث يضفي نكهة للتاريخ، وبدونه سيكون التاريخ مجرد أحداث فقط ، التراث جزء من حياتنا اليومية فهو ما ورثناه من آباءنا وأجدادنا من عادات وتقاليد وثقافة .التراث هو ما وصلنا من تجارب الماضي ، وتكمن أهميته في أنه عبارة عن همزة وصل ما بين الماضي والحاضر .

الذاكرة أيضاً هي أوسع وأشمل من الماضي لأنها تترك أثراً كبيراً في وعي الناس ،كما أنها عملية استحضار للماضي، أو هي الجامع لأحداث الماضي تقوم بحفظها في أذهان وعقول الناس .

هناك مقولة مشهورة لرئيس وزراء إسرائيل “ديفيد بن غوريون” عام 1948 وهي ” الكبار يموتون والصغار ينسون “، لذلك فان الحفاظ على ذاكرتنا الوطنية مهمة ومهمة جداً ، فالحفاظ عليها حفاظ على هويتنا الفلسطينية ،وبدونها لن نستمر في كفاحنا ونقوم ببناء الوطن الذي نحلم به.

ولكن تبقى الذاكرة جزء من التراث والتاريخ فهي مجرد وسيلة للحفاظ على تراثنا وتاريخنا . ولكنها أشمل من الماضي لأنها تمثل ما تبقى من الماضي في أذهان الناس أو ما يتصورونه ويتذكرونه من الماضي .

الذاكرة الفلسطينية ببساطة هي عبارة عن فيلم طويل يوثق التضحيات والبطولات والانتصارات ، ويغطي التجارب الوطنية والنضالية التي خط سطورها شعراء، كتاب، مبدعون و مقاومون ما زالوا يحلقون في سماء فلسطين نسوراً خالدين .

ذاكرتنا الجمعية اليوم تعاني من فراغ كبير ، وإسرائيل تسعى جاهدةً لتشويهها ، لما في ذلك من انعكاسات وآثار خطيرة على القضية الفلسطينية عموماً.

يقع على عاتق السلطة الفلسطينية والمؤسسات الحكومية والأهلية مهمة سد هذا الفراغ، والعمل على توفير كافة الامكانات والدعم اللازم للمؤسسات البحثية في سبيل النبش عن المفقود وإدخاله في حيز الذاكرة الجمعية .

صون ذاكرتنا هو صون لحقنا بالعودة، وتمسك بثوابتنا الوطنية  وتصميمنا على قيام دولة فلسطينية بعاصمتها القدس الشريف.

احياء الذاكرة الوطنية هو احياء للأمل ، وهل يوجد أجمل من ذاكرة تستحضر فينا روح التحدي والصمود؟.

مع أن توثيق ذاكرتنا يجعل القلب يعتصر ألماً لما ألم بوطننا وشعبنا على مر التاريخ، إلا أن وجع قلبنا ليس أقسى من وجع  فلسطين قلب الوطن العربي الذي ينزف يوماً بعد يوم.

لقد ارتقى الآلاف من شهدائنا الأبطال في سبيل حماية الهوية الفلسطينية، وضياع الذاكرة الوطنية يعني ضياع مكونات الهوية الفلسطينية .

لذلك قبل أن نقول المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، لنقل المجد والخلود للذاكرة الوطنية الفلسطينية .

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن