“”بعضكم لبعضٍ عدو””

جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل

يعيش العرب والمسلمين اليوم حالة من أسوأ الحالات التي مرت عليهم منذ قرونٍ مضت!. سنواتٍ من التيه والضياع، والتشرد والاقتتال الداخلي، وسنواتٍ خداعات، وخلافات كبيرة فأصبح بأّسُهُم بينهم شديد!، يتركون الأعداء الحقيقين الذين هم سبب مصائبهم كاليهود المحتلين لفلسطين، والغرب المحاربين، ويقاتل العرب والمسلمين بعضُهم بعضاً، وتدور رُحي المعارك بينهم علي الأرض العربية والإسلامية، في قلب بلُدانهم، كُلُ منهما يسعي لقتل أخيه فالقاتل يدعي الحق ويكبر قبل قتل أخيه قائلاً: الله أكبر، والمقتول يحرص علي قتل أخيه المسلم ويقول الله أكبر؛ والسلاح المستخدم في الجريمة بين إخوة الدم والدين واللغة والمصير الواحد والمشترك، مكتوبٌ عليهِ صُنع في الولايات المتحدة الأمريكية أو في روسيا!، أو في دولة الاحتلال الصهيونية!، أو في أوروبا!، أّلِهْذا الّحْد هَانت علينا أنفسنا!؛ فّهُنا علي غيرنا واستبيحت أرضنا العربية والإسلامية، والكل صار أسداً علينا وصرنا كالجمل الذي استنوق وجلس علي الأرض فركب ظهره الجميع الصغير والحقير والوضيع، حتي ركبه الحمل الصغير: ( استأسد الحمل، لما استنوق الجمل)، وكل ما نحن فيه بسبب أننا جربنا الغرب مراتٍ ومرات، وجربنا الشرق مرات عديدة وأزمانٍ مديدة، وتركنا ديننا ولم نأتي من الدين سوي بالخطابات الرنانة والشعارات الزائفة الكاذبة الخاطئة؛ وزخرفنا مساجدنا، ومصاحفنا وملابسنا بأجمل الزينة والزخارف، نزخرف المساجد بملايين الدولارات ويوجد ملايين الجياع من العرب والمسلمين فبطون الجوعى أولي من زخرفة المساجد بزينةٍ كثيرة وكبيرة!؛ ولم نترجم القول إلي الفعل ولم نكن قرائناً يمشي علي الأرض، ولم يكن خُلقنا القرآن!، وملأت بلادُنا بالظلم والفساد والانحلال وعدم الأخلاق، ولقد زعمنا أن حياتنا لله، وظهرت جماعة تقول هي لله وليس للمنصب ولا للجاه ليصلوا للحكم!؛ ولما وصلوا للحكم وأصبح في أيدهم زمام الحكم والأمور لم تصبح حياتهم لله وهي لله، بل القول فقط والفعل عكس ذلك، السعي وراء المنصب والجاه والمال. لقد علمتنا الأيام والأديان الّحقْة أن دولة العدل إلي قيام الساعة وإن كانت كافرة، وحسابها وعقابها علي الله عز وجل في الأخرة؛ ودولة الظلم ساعة وإن كانت مُسلمة” وأصبح الشباب العربي والمسلم يهربون من ديار الإسلام من بلاد العرب والمسلمين إلا بلاد الكُفر وبلاد العجم، طلباً للحياة الكريمة وللأمن والأمان، لقد انعكست الآية فكان الصحابة الكرام عليهم رضوان الله جميعاً كما قال الصحابي الجليل ربعي بن عامر رضي الله عنه: “كُنا رعاة للغنم وفي ذيل الأمم يقتل بعضنا بعضاً، فأعزنا الله بالإسلام فاصبحنا سادة للأممُ”؛ واليوم حينما ابتغينا العزة بأمريكا الامبريالية المُجرمة ومن لف لفُها، وروسيا الشيوعية المجرمة ومن لف معها، أذلنا الله عز وجل، ورجعنا من سادةً للأمم بعد ألف وأربعمائة عام ونيف إلي رُعاة للغنم وفي ذيل الأُمم، وخداماً لزعماء الغرب نستقبلهم بالورود ونرفعهم وهم في قومهم أذلاء ونهدهم ونقلدهم الذهب والجواهر ونهديهم المليارات فيكون ردهم البصق في وجوهنا وإعلان القدس عاصمة أبدية لعصابة الاحتلال الصهيوني المجرمة!!؛ تلك هي الحقيقة الُمرة، ولا اريد أن أكون ظالماً إن وجهت اللوم للحكام والملوك والأمراء والرؤساء العرب فقط!؛ فكيما تكونوا يولي عليكم، بل إننا جميعاً الشعوب العربية والإسلامية، وخاصةً العلماء نتحمل كامل المسؤولية في ذلك لأننا لم نكن في حال افضل من حكامنا، لأن كثير منا يصلون ويحجون ويزكون ويصلون في الصفوف الأول ولكنهم لا يعملون الصالحات ويقولون نفسي نفسي، وكذلك منهم من يحرمون بناتهم الميراث ومنهم من تكون بيوتهم خاربه من داخلها وخاويةٌ علي عروشها وهو لاهٍ قلبه، والجار لا يحترم جاره والأولاد يعقون الآباء، والعكسُ صحيحاً في بعض الأحوال، والأخت تحارب أختها والأخ يحارب أخيه والزوج، وقطيعة رحم، وعقوق، وضياع للأمانة، والغدر، وديار المسلمين الذين دينهم دين النظافة تجد ديارهم غير نظيفة، وكذلك القلوب تحقد علي بعضها البعض وفساد هنا وهناك، وغشٌ في البضاعة وقصرٌ مشيدٌ وجارهُ فقير، وبئرٍ معطلةِ وغيره في برك السباحة ينُعم دون أن ينظر نظر حنان أو رحمة إلي قريبه أو جاره الفقير أو المحتاج!؛ أصبح بعضنا عربي ومسلم بالهوية فقط يشرب الخمور ويزني ويرتكب الفجور، وفي بعض بلادنا العربية تجد بيوت الدعارة والخمارات وأماكن الرقص مشرعةً ومُرخصة، وتجد الظلم عم وطم، ويسرق بعضنا بعضاً عياناً!؛ كل هذا وتريدون نصراً من الله!!؛ ألم تتفكروا في الآية الكريمة في قوله تعالي : ” إن تنصروا الله ينصركم”، الله جل جلاله لا يحتاج منا نصرهُ، بل أن ننصر دينهُ وشريعته، وان نحقق العدالة والتراحم والتواد والاخاء فيما بيننا، فيعطف كبيرنا علي صغيرنا، ويحترم صغيرنا كبيرنا، ونصل ارحامنا ونطعم الطعام ونقرأ السلام ويحترم الجار جاره، وفك العاني، ومساعدة الفقير والمحتاج، والمحبة والوصال فيما بيننا؛ فهل فعلنا ذلك؟ أعتقد لا لذلك النصر لن يكون قريباً إلا إن رجعنا وراجعنا أنفسنا شعوباً وقبائل وحكومات وزعامات، قال تعالي: ” قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ” وإلا أُكلت يوم اُكل الثور الأبيض ولن يرحمنا أحد!

الكاتب الباحث والمفكر العربي والمحلل السياسي

الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن