تلازم الإدارة ووضع سياسات عامة نجاح للحكومات

تمارا حداد
تمارا حداد

بقلم: تمارا حداد

في الملحمة الفلسطينية المتواصلة ضد جائحة كورونا المُستجد تجلى تناغم فريد بين اجهزة الدولة والاجهزة الطبية وبين مختلف فئات الشعب الفلسطيني، مما سمح لعملية مواجهة “كوفيد-19” أن تتم بفاعلية كبيرة أعانت على كبح معدل الخسائر البشرية والمعنوية.

وأظهر المجتمع الفلسطيني تلاحماً وتعاوناً عبر تحركات الهيئات المحلية والمتطوعين ولجان الطوارئ والاحياء ذات التخطيط الجيد حيث ركزت على نقاط الضعف الموجودة في المنظومة وقامت بسد الثغرات.

وكان هناك مبادرات شعبية وحسن تصرف الهيئات المحلية دور بارز في الإسهام في السيطرة على ذروة الوباء ونجحت بامتصاص ذروة التفشي، كما سجلت معدلات عالية من التزام المواطنين بتعليمات الحكومة الفلسطينية في الحد من التجمعات وحسن التعاون مع الاجهزة الأمنية والطبية ولعل السر في هذا يعود الى ثقة المواطنين في أداء الحكومة الحالية، رغم وجود بعض الانتقادات.

ومنذ ظهور حالات المصابين بفيروس كورونا في فلسطين بادرت الحكومة بعرض الحقائق أمام الشعب بشفافية والتواصل يومياً عبر منصات الإعلام واتاحة المعلومات مما حد من المخاوف بشكل عام.

وكانت الإجراءات من بدايتها سليمة بتعطيل المدارس والأعمال الوظيفية وتجنب أشكال التجمعات، وتم استعمال اسلوب ادارة الازمات بفاعلية والتي أدت الى كبح جماح الوباء، من هنا نقول تجربة فلسطين نجحت فيما يتعلق بالإجراءات الصحية وتتبُع للمصابين والمخالطين حتى لا يتفشى الفيروس بمساعدة الطواقم الطبية.

وكانت الضوابط الصارمة مهمة خلال تلك الفترة الماضية لإنهاء الموجة من كوفيد-19 والتي قللت من مستوى الإصابات بالمستوى الذي يتم فيه السيطرة، وقلصت هذه الإجراءات الفلسطينية الصارمة متوسط انتقال الفيروس من شخص مصاب، من شخصين او ثلاثة الى اقل من واحد وهذه الطريقة مهمة لبدء الوباء في الانحسار بشكل فعال.

ولكن الشيء الذي يجب ذكره في هذا المجال كان لا بد من النظر إليه بعين “الرؤية طويلة الأجل” بان تلازم هذه الادارة الجيدة كان لا بد من وجود سياسة عامة تجنب الأضرار الاقتصادية والاجتماعية والتي صاحبت جائحة كورونا وتداعياتها على المواطنين.

لنفرض أن الوباء سيستمر فما سيكون حال أصحاب الورش الصغيرة والمشاريع المتوسطة وأصحاب المحال التجارية المغلقة وغيرها من الحرف ذات الدخل المتوسط والمحدود والذي يلبي ادنى احتياجات ومتطلبات المحال ناهيك عن متطلبات عائلاتهم، فهل الإغلاق التام سيكون الحل المُرضي؟ الجواب، لا.

بنظري ان الحل بيد الحكومة حالياً وذلك برفع الحظر المنزلي ولكن “بشكل تدريجي” حتى يتسنى للأنشطة الاقتصادية بالرجوع للعمل في المناطق التي هي خالية من الإصابات، ودفع عجلة الاقتصاد قبل فوات الاوان مع تلازم العمل بالإجراءات الوقائية.

ومن المفترض أن تضع الحكومة استراتيجية مستقبلية لدرء المخاطر المفاجئة من خلال وضع صناديق خاصة للأزمات كصندوق “درء المخاطر” او “صندوق الطوارئ” بحيث يقوم بأدوار عديدة في حالات الأزمات تشمل هذه الصناديق ابعاداً وقائية واخرى علاجية وهو ما يتطلب أن تكون هذه الصناديق موضع اهتمام الحكومات والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني بان يكون مخصص للإنفاق فقط في حالات حدة المشكلات والتهديدات التي تهب دون إنذار مبكر.

من المهم الحفاظ على سياسات التحكم مثل الأبعاد المجتمعي والتغيير السلوكي لبعض الوقت، إلا أن من المهم تحقيق التوازن الاستباقي بين استئناف الانشطة الاقتصادية بشكل تدريجي والحفاظ على معدل انتقال الفيروس أقل من واحد وهي افضل استراتيجية الى حين إيجاد لقاح فعال.

ختاماً :

حتى تُحسب التجربة الفلسطينية انها نجحت بمواجهة كورونا وبأقل قدر ممكن من الاضرار المعيشية للعائلات والاقتصادية للمواطنين لا بد من التوازن المدروس بسياسات عامة ذات بدائل واختيار الافضل الانسب ضمن الامكانيات المتاحة للحكومة، ليكون رصيد شديد الاهمية من اجل المستقبل ومن اجل الحفاظ على الوعي الشعبي مستذكراً هذه التجربة الناجحة وأنه كان حراً بعمله ليشعر ان هناك ديمقراطية في فلسطين وان دعت الحاجة احيانا لظهور بعض الأنياب لها حفاظا على الأمن والسلم الاهلي والابتعاد عن الفوضى.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن