جدلية العلاقة بين حماس وإسرائيل

الكاتب: ماهر عرار

كثيرة هي الدلائل التي تؤكد أقدام حماس على تفكيك منظورها ومخيالها الايديلوجي ،وبالتالي التحول إلى حركة مرنة وواقعية تأخذ في نظر الاعتبار موجبات الدخول في الحياة السياسة والدبلوماسية،وهو ما ذهبت الحركة عبر قياداتها إلى تأكيده على شكل رسائل سياسية لمن يهمه الأمر وعلى وجه الخصوص في الغرب وامريكا ،لكسب المشروعية الدبلوماسية وبالتالي الاعتراف السياسي بالحركة كطرف جدير بإحترام تعهداته السياسية.

لنلاحظ هنا كيف أن الحركة تتحدث للغرب وامريكا عبر وسائل الاعلام الغربية،بلغة لا تختلف عن لغة وخطاب منظمة التحرير ،وفي الوقت نفسه تحرص على الابتعاد عن الحديث مباشرة عن إسرائيل ،وهو ما يمكن ان نعزوه إلى سعي الحركة الى التوازن في خطوات بناء الثقة مع الغرب وفي تماسك قاعدتها الايديلوجية التي أخذت تنظر بعين التوجس من تضارب تصريحات الحركة وإزدواجية خطاب الحركة بين باللغة الانجليزية واللغة العربية.

قد يرى الكثير من المتابعين واصحاب الرأي وحتى العامة،أن ثلاث حروب بين إسرائيل وحماس،أخرها لم يمضي عليها السنة،كفيلة بأن تدحض فرضية إنفتاح حماس السياسي وتفكيك الايديلوجيا التي شكلت مرجعية ووعاء الحركة الفكري والعسكري والسياسي لسنوات عدة ،الا ان القراءة العميقة لإبعاد هذه الحروب يمكن أن تعطينا استنتاجات تقول أن الحركة مع كل مواجهة مع إسرائيل تزداد قربا للسياسة والواقعية ،هنا من المهم الأشارة إلى أن الحركة تستثمر مواجهاتها مع الاحتلال في سياق تمرير تحولات جديدة في مواقفها وتصوراتها للقاعدة الحزبية العريضة،سأكتفي للدلالة على ذلك بالأشارة إلى مواقف الزهار الأخيرة حول أقامة سلطة مدنية في غزة ،وقبل ذلك بين الحرب الثانية والثالثة موقف لمشعل سنة 2011 أنطوى على تحول حاد في عقيدة الحركة حيث رحب بجولة مفاوضات مع الاحتلال بسقف سنة على أن تنتهي بدولة على حدود 1967.

مع ذلك ورغم التحولات التي طرأت على الحركة ،لا تزال حماس تفتقر للمشروعية السياسية دوليا،وهو ما يحتاج مزيدا من الوقت وقد يتطلب رحيل الجيل الثاني في الحركة وسيطرة الجيل الثالث الذي سيلعب دورا بارزا في التحول الاستراتيجي من خيار التفاوض والحلول المطروحة سواء رؤية الدولة المؤقتة أو سيناريو اخر.

تبرر حماس التحولات السياسية التي طرأت على خطابها واستراتيجيتها خلال السنوات الاخيرة،من خلال تبنيها خيارات مؤقتة من قبيل سلطة مدنية في ما تعتبره ارض محررة سيما خيار الدولة المؤقتة،وذلك بواسطة تخريجة تقول أن باب الصراع مفتوح وبالتالي تسويق الأمر بفقه الهدن الطويلة التي تناهز العشر سنوات ….جدير القول أن نجاح إسرائيل وحماس في تحقيق اختراق والوصول إلى هدنة عبر الوساطات الدولية وحتى اللقاءات المباشرة،وهو ما كان قبل عشر سنوات خيانة في فقه الحركة،سيشكل الأرضية والبيئة الكفيلة بإعادة صياغة قاعدة الحركة وعقيدتها بعد أن يصبح المحرم محلل وتصبح السياسة لغتها وأحد خيارات الحركة في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي على غرار م.ت.ف.

بقلم الأسير ماهر عرار سجن النقب

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن