خيمة عن خيمة بتفرق.. وهدنة عن هدنة بتفرق

د.ناصر اللحام

كان الراحل الاديب الشهيد غسان كنفاني قال قبل ان يغتاله جهاز الموساد في بيروت ، قال في كتابه الشهير ” ام سعد ” : خيمة عن خيمة بتفرق .

وهذا ما ينطبق على حالنا الان ، ان خيمة اللجوء تختلف عن خيمة الثوار ، وخيمة الهزيمة تختلف عن خيمة النصر . وربما تكون نفس الخيمة ونفس المكان ولكنها ليست نفس القيمة ، ولا نفس المستقبل .

وحول المعركة في غزة ، قد يظن بعض الاخوة الكرام ، وبكل طيب نفس وحرص شديد على ابناء الشعب وقضيته ، وقد يسألون ( وما الذي استفدناه بعد نحو شهرين من الدمار والموت ؟ وما هو الاتفاق الذي تم ؟ وهل يستحق كل هذه التضحيات ؟ ) .

لكنني أنظر للأمر من زاوية اخرى : فقد فرضت علينا اسرائيل معركة كرامة ، وحين سمحت لزبانية المستوطنين ان يعيثوا فسادا في بيوتنا ويحرقوا مساجدنا ويخربوا زرعنا ويقتلوا ضرعنا ، اسرائيل اجتاحت الخليل وتهاونت مع العصابات المتطرفة الفاشية التي أحرقت الطفل محمد ابو خضير ، ومن ثم خرج مئات والاف منهم يهتفون في الشوارع ” الموت للعرب ” .

حكومة نتانياهو لم تحترم قياداتنا ولا الاتفاقات الدولية ورفضت اطلاق سراح الدفعة الرابعة من الاسرى ، وأفشلت المفاوضات ، اقامت الحواجز ، وكل ليلة تشن حملات اجتياح لمناطق الف ، وقد تعمّدت ازدراء الرئيس وحركة فتح ومنظمة التحرير واجهزة الامن الوطني ، هدمت المنازل جزافا ، وصار التطرف اليهودي وكراهية العرب مادة أساسية يتربى عليها الجيل الاسرائيلي الجديد . وقام الاحتلال باعتقال أسرى شاليط ولم يحترم الراعي المصري ولا الراعي الدولي . ولم يبق امام اي فلسطيني سواء كان مفاوض او مسلح ، فتحاوي ام حمساوي ، حزب شيوعي او جهاد اسلامي ، لم يبق امامنا سوى خيارين : خيمة اللجوء والبكاء واللطم ، وخيمة الثورة .

وحين صار المستوطنون يقتحمون المسجد الاقصى يوميا ويبصقون في وجوه الرهبان المسيحيين امام كنيسة القيامة . هاجت الضفة وماجت ، وخرجت التظاهرات في القدس والمثلث والجليل ، واعلن المواطن الفلسطيني انه لن يموت بصمت .

نعم صحيح سقط لنا ألفا شهيد وعشرة الاف جريح وتهدمت منازلنا وشوارعنا وابراجنا ، ولكن اسرائيل عرفت ان الشعب الفلسطيني ليس نعجة تستسلم للسكين بسهولة ، والجيل الفلسطيني الجديد ليس قطيع خراف يمكن ان يخيفه المستوطن المأفون ايتمار جبير وأتباع كهانا .

وان اي فلسطيني ومن أي فصيل ، بل ان اي فلسطيني رضع من حليب امّه . يعرف كيف يلبي نداء الوطن . ويعرف كيف يدافع عن بيته وعن كرامته وكرامة شعبه .

نعم خسرنا كثيرا ، خسرنا شهداء وجرحى ومنازل ومبان ومكاتب . ولكن الايام القادمة ستثبت ان الوطن أغلى ، وان اسرائيل خسرت أكثر . لقد خسرت أمنها وخسرت ثقتها بنفسها وبجيشها وطيرانها . وربما هي تملك طائرات وبوارج حربية وغواصات نووية . لكنها لا تملك أخلاقا . ولا تعرف معنى حب الوطن .

وأملي كبير ان تبقى جميع الاجنحة العسكرية للمقاومة بعيدة كل البعد عن الصراعات الداخلية على الحكم والسلطة . وألا تتدخل في اية خلافات داخلية قد تحدث ، لانها منذ الان نخبة جيش الدفاع الفلسطيني . ويجب ان تحافظ على طهارة السلاح دائما مهما اختلف السياسيون او رجال السلطة .

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن