دمار وإعمار

منذ أن تولى نتنياهو منصب رئيس الوزراء في إسرائيل عام 2009 وهو يتحدث ذات اللغة معنا ومع الولايات الأمريكية المتحدة ومع العالم أجمع. لا لدوله فلسطينيه ذات سيادة ، لا لتقسيم القدس ، إبقاء السيطرة على الأغوار، كما وأضاف مؤخرا شرط الاعتراف بيهودية الدولة.

إلا أن نتنياهو وحكومته يدركان ضرورة توفر الأدوات والظروف التي تمكنه من تحقيق سياسته والالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني وكل الجهود الهادفة إلى نيل الحرية والاستقلال. وفي هذا السياق أوجد ما يعرف بمشروع السلام الاقتصادي، أي السلام مقابل الاقتصاد، وشهدنا حراك ملحوظ لطبقة رجال الأعمال، وبدأ الحديث حول التمنية والمشروعات المشتركة وحرية التنقل للأفراد والبضائع وقد ترافق ذلك كله مع انسداد وتعنت كامل على المستوى السياسي. وقد وصل هذا المشروع ذروته خلال المنتدى الاقتصادي العالمي والذي انعقد في مايو من العام الماضي في البحر الميت عندما تقدم السيد جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة بخطة اقتصاديه بلغت قيمتها 4 مليار دولار أستبدل خلالها المسار السياسي التفاوضي بإجراءات اقتصاديه ” محدودة” لتحسين الوضع الاقتصادي في المناطق التي تسيطر عليها السلطة الوطنية كحافز يشجع الفلسطينيين على العودة إلى التفاوض بدون شروط ودون النظر إلى الواقع والحقائق التي فرضها الاحتلال على الأرض.

اليوم نحن أمام ذات المشروع وإن اختلف المسمى ” إعمار غزه “، ففي حين توسع المشروع ليتضمن غزه بعد الحرب والمصالحة مقابل مليار جديد، ما زلنا نتحدث عن رواتب وحرية تنقل للأفراد والبضائع وإعادة اعمار ما دمرته اله الحرب الإسرائيلية، والجديد هنا أن أغلب الأموال عربيه إضافة إلى وقف شامل لإطلاق النار وبما يشمل غزه. وفي المقابل إزدادت الهجمة شراسة على القدس، لتستمر سياسة مصادرة المنازل والأراضي واقتحام المسجد الأقصى دون حراك عربي أو دولي ولا حتى فلسطيني، والحال ذاته مع الاستيطان، ليأتي خطاب نتنياهو الاخير ومن على منصة الأمم المتحدة قبل أسبوعين تقريبا ليهاجم الرئيس اوباما والرئيس أبو مازن ويربط ما بين حماس وداعش ويرفض بشكل واضح وصريح قيام دوله فلسطينيه مستقلة متذرعا بأسباب أمنيه إسرائيليه.

وفي الختام، ما زلنا ندور في فلك الدمار والإعمار، ووهم التنمية تحت الاحتلال ، ما زلنا نعيد تأهيل الشوارع بأموال امريكيه، لنعيد حفرها من أجل تمديد شبكه المياه بأموال أوروبيه، ونحفرها مرارا وتكرار من اجل الهاتف والكهرباء والصيانه، ومن ثم نضع المطبات ومن ثم نزيلها، ومن ثم نتقاتل حولها، فإن سلمت تقصف وتدمر من قبل الاحتلال، لنعود من جديد نعقد الموتمرات بشروط جديدة ونبتعد أكثر وأكثر عن حلمنا ودولتنا.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن