عاصفة أسعار الفائدة والتضخم يدفعان المستثمرين للبحث عن أصول تتيح لهم الخروج الآمن

عاصفة أسعار الفائدة والتضخم يدفعان المستثمرين للبحث عن أصول تتيح لهم الخروج الآمن
عاصفة أسعار الفائدة والتضخم يدفعان المستثمرين للبحث عن أصول تتيح لهم الخروج الآمن

تشهد الأسواق في الوقت الحالي حالة لم يشهدها المستثمرون من قبل، إذ تسبب مناخ أسعار الفائدة والتضخم الحالي في تشجيعهم على البحث عن أصول تتيح لهم الخروج بأمان من العاصفة السوقية.

يحتاج المستثمرون إلى تحصين محافظهم ضد وقوع مزيد من خسائر الأسهم والسندات، في ظل تحرك التضخم بأكبر مستوى له منذ 1982، ورهان متداولي المقايضات على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة بما يعادل خمسة أرباع نقطة بحلول نهاية يوليو المقبل، بحسب وكالة (بلومبيرغ).

ويقترح المحللون الاستراتيجيون انتقاء خيارات، مثل الاستثمار في الأصول المقومة باليورو، والذهب، وأسهم شركات الموارد الآسيوية.

تُعتبر العوائد الحقيقية على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، التي قفزت إلى سالب 0.421 يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى لها منذ يونيو 2020، واحدة من العلامات التي توضح كيفية تسبب ارتفاع أسعار المستهلك، والتوقعات حول تشديد السياسة النقدية، في زعزعة الأسواق وتأجيج مخاطر الأصول.

قال مايكل بورفس، الرئيس التنفيذي لشركة «تالباكن كابيتال أدفيزورز»: «توجد أدلة وافية وحجج منطقية على أن أسعار الفائدة الحقيقية لأجل 10 سنوات سترتفع أكثر بنحو 50 نقطة أساس وتتجاوز مستوى الصفر».

أضاف بورفس أن هذه الخطوة قد تحدث فعلاً في ظل «استمرار بنك الاحتياطي الفيدرالي، وانضم إليه الآن البنك المركزي الأوربي، في تعديل سياسات أسعار الفائدة الخاصة بهما».

♦ عام 2022: هل يدخل العالم في الركود التضخمي؟

نهاية المطاف

وبدوره، قال بيتر بوكفار، رئيس الاستثمار في مجموعة «بليكلي أدفيزوري» (Bleakley Advisor): «جاء مؤشر أسعار المستهلك اليوم أعلى من المتوقع، وقد يتكرر الأمر نفسه مع نتائج فبراير بأكمله، لكن يمكن القول مجدداً إن الأمر الذي يجب أن تركز عليه الأسواق هنا هو: إلى أي مدى قد تتباطأ البيانات بعد هذه المرحلة؟».

تابع بوكفار: «أرغب في استغلال هذه الفرصة لأعبر عن تفاؤلي الصعودي الكبير بالذهب والفضة، فبدءاً من هذه المرحلة يوجد خياران، الأول: أن يشدد (الاحتياطي الفيدرالي) السياسة النقدية أكثر من اللازم ويتباطأ النمو، وهذا سيؤدي بدوره إلى تراجع البنك الأمريكي عن موقفه، مما يصبّ في مصلحة الذهب. والثاني: أن يواصل (الاحتياطي الفيدرالي) تشديد السياسة النقدية ببطء شديد، وسينتج عن هذا استمرار أسعار الفائدة الحقيقية السلبية بشكل راسخ، وهذا أيضاً أمر إيجابي بالنسبة إلى الذهب».

وقال بيتر ماكغواير، الرئيس التنفيذي لشركة «تريدنغ بوينت» (Trading Point)، في مذكرة: «الأسواق ستقاوم بشدة قبل أن تعالج مشكلاتها، لكن ما دام الركود ليس وشيكاً فستتمكن على الأرجح من تحمّل زيادات أعلى بشكل طفيف في أسعار الفائدة دون أن تنهار. ففي نهاية المطاف لا يوجد بديل آخر حتى الآن».

وأضاف ماكغواير: «المستثمرون الذين يمتلكون أعصاباً فولاذية يمكنهم الاستفادة من التراجع الشديد للتوسع في المراكز على المدى الطويل، ويفضل أن يكون ذلك في الشركات عالية الجودة، التي تبيع بسعر مخفض».

الفائدة الحقيقية

بالإضافة إلى ذلك، إذا عكس هذا الارتفاع في أسعار الفائدة الحقيقية نمواً قوياً في كل من الناتج المحلي الاسمي والحقيقي، فيجب وقتها أن يكون ارتفاع الأرباح قوياً.

تجدر الإشارة أيضاً إلى أن هناك مجموعة من الأمثلة التي تؤكد توسع الأسواق -ومضاعفة الربحية- بالاتساق مع أسعار الفائدة الحقيقية.

قال فيشنو فاراثان، رئيس الاقتصادات والاستراتيجية في «بنك ميزهو» بسنغافورة: «الواقع المؤلم هو أن إعادة تسعير الأسهم عالية الخطورة سوف تقلص الأرباح، لكن الجانب الإيجابي هنا أن أسعار الفائدة الحقيقية في الولايات المتحدة ستظل منخفضة بما فيه الكفاية ليستفيد منها القادرون على اقتناص الفرص والصفقات بسرعة». وتابع: «لا أتوقع حدوث تراجع مستدام في الأصول عالية المخاطر نتيجة لارتفاع العوائد الحقيقية حتى الآن».

♦ ماذا تنتظر الأسواق العالمية خلال الأسبوع المقبل؟

تشبع بيعي

كتب مجموعة من المحللين الاستراتيجيين في مؤسسة «جيه بي مورغان»، بمن فيهم جاي باري وجيسون هانتر وفيبي وايت، في مذكرة: «مؤشر أسعار المستهلك المرتفع بشدة، وردّ فعل السوق، تجاوزا إشارات الشراء للسندات ذات أجل 10 سنوات، التي ظهرت في النمط الأساسي الصادر يوم الأربعاء الماضي».

وأضافوا: «نشكّ في أن مؤشرات التمركز والثقة ستمتد إلى منطقة التشبع البيعي المتطرفة بعد الخطوة التي اتخذها (الفيدرالي)، كما أن مؤشرات الدعم القريبة استقرت عند مستويات 2.03% و2.05% ثم 2.13%. وفي هذه المرحلة قد تحتاج السوق إلى الارتفاع بنحو 1.85% إلى 1.90% من أجل تأكيد انعكاس الاتجاه قصير الأجل».

كتب جورج سارافيلوس، الرئيس العالمي لأبحاث الصرف الأجنبي في «دويتشه بنك»، في مذكرة: «الدولار الأمريكي يتحرك الآن نحو بيئة ذات دورة متأخرة، سيُعاد فيها تقييم توقعات (الاحتياطي الفيدرالي) لأسباب (غير محمودة) تتمثل في بيئة الإمدادات الضعيفة، والتضخم المرتفع، وهو ما يتطلب من البنك المركزي إبطاء وتيرة النمو». وحسب سارافيلوس فإنه «عند وضع كل هذا معاً، ستبدو الزيادات التدريجية من (الاحتياطي الفيدرالي) لأسعار الفائدة أقل إيجابية للدولار كلما تقدم الوقت. والأفضل هو الاستمرار في الاستثمارات طويلة الأجل في اليورو مقابل الدولار».

بيئة قاسية

وفي رأي هو ليونغ، المحلل الاستراتيجي في شركة «موديولر أسيت مانجمنت» (Modular Asset Management) في سنغافورة، فإن «هذه البيئة ستكون قاسية بالنسبة إلى الأصول عالية المخاطر، حتى نتجاوز على الأقل التأثير الأساسي الناتج عن الزيادة الأولية في أسعار الفائدة».

وأضاف: «بالنسبة إلى آسيا، يجب أن تقدم السندات المرتبطة بالتضخم أداءً أفضل، على الرغم من السيولة المعرضة لمواجهة صعوبات، إضافة إلى كونها مقصورة على عدد قليل من البلدان مثل كوريا وتايلاند. أما الأسهم فمن المفترض أيضاً أن تشهد أداءً جيداً في شركات الأغذية والموارد والطاقة، وسيظهر ذلك بصفة خاصة في ماليزيا، وهي الدولة الآسيوية الوحيدة المُصدِّرة بالكامل للطاقة ومنتجات القفازات المطاطية. ونشجع بشدة عملة الرينغيت الماليزي كاستثمار لم يأخذ حق تقديره».

السندات الآسيوية

وبدوره، قال وينسون فون، رئيس أبحاث الدخل الثابت في «ماي بنك سيكيورتيز» (Maybank Securities) في سنغافورة: «الزيادة المفاجئة التي طرأت على عوائد سندات الخزانة الأمريكية لليلة واحدة سيتردد صداها على الأرجح عبر أسواق السندات الإقليمية».

ووفقاً لفون فإن «العوائد يجب أن ترتفع عبر الأسواق الإقليمية، لكن على أسس معامل بيتا أكثر انخفاضاً، وهذا يعني درجة تصحيح أقل من تحركات سندات الخزانة الأمريكية».

واختتم قائلاً إن «السندات الصينية يجب أن تكون مُحصَّنة أكثر ضد تقلبات سندات الخزانة الأمريكية، مقارنة بنظيرتها في الأسواق الناشئة في آسيا. ونتوقع أن تتسطح سندات الحكومة الإندونيسية هبوطياً خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة، مع تسطح منحنى السندات ذات أجل 5 إلى 10 سنوات عند مستوى أقل من 100 نقطة أساس».

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن