عمل الفلسطينيين في إسرائيل ومساعي تخفيف المواجهة مع غزة

عمل الفلسطينيين في إسرائيل ومساعي تخفيف المواجهة مع غزة

شينخوا: بعد طول انتظار دام نحو ثلاثة أشهر، حالف الحظ الشاب الفلسطيني يوسف عبد الله، بالحصول على تصريح يسمح له بدخول إسرائيل عبر حاجز بيت حانون/إيرز شمال قطاع غزة المخصص للأفراد للعمل في مجال الحدادة والبناء.

وتزايد إقبال الفلسطينيين، لاسيما الشباب في الآونة الأخيرة على الحصول على تصاريح للعمل في إسرائيل، عقب إعلانها السماح لحوالي 5 آلاف فلسطيني من غزة بالعمل داخل في إسرائيل بعد منع دام عقدا من الزمن.

وسرعان ما التحق عبد الله البالغ من العمر (35 عاما) بالعمل بنظام العمل اليومي في إسرائيل كحداد بمعدل ثماني ساعات يوميا.

لكنه يبيت في مكان عمله خمسة أيام أسبوعيا لتوفير أموال الذهاب والعودة وتخفيف مشقة الرحلة.

ويجني عبد الله ما يقرب من 350 دولارا بشكل أسبوعي (الدولار يساوي 3.50 شيكل)، وهو مبلغ كفيل بتغيير وضعه الاقتصادي إلى الأفضل، إذ تمكن من تسديد بعض الديون المتراكمة عليه خلال 12 عاما.

ويقول عبد الله وهو من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، لوكالة أنباء “شينخوا” إن:” العمل داخل إسرائيل كان بين اليقظة والحلم، فلم أتصور يوما أن أجد عملا براتب كبير في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع”.

ويوضح الرجل المعيل لخمسة أطفال التفوا حوله بعد غياب عدة أيام عن البيت، أن “العمل في إسرائيل بشكل مضمون أفضل من الهجرة إلى العالم الخارجي نحو المجهول كما يفعل العديد من الشباب الفلسطيني”.

ويتابع الشاب اليافع وقد بدت عليه الفرحة جراء عمله وكسب المال، أنه “عانى كثيرا من الفقر المدقع، ودخل السجن لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على غزة لأكثر من مرة بسبب تراكم الديون عليه، وعدم صبر الدائنين على وضعه المادي الصعب”.

وشكلت المسيرات في قطاع غزة ضغطا دوليا وإقليميا على إسرائيل، مما دفع بعض حلفائها السياسيين إلى إيجاد بدائل لها، من أجل وقفها بأساليب ناعمة، فكان تنفيذ تفاهمات مع الفصائل الفلسطينية في القطاع هو الملاذ الأفضل والأنجع، وفق ما يقول الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني.

ويضيف الدجني أن “إسرائيل فشلت في تشديد الحصار على غزة، وكان لهذه المسيرات الدور الأبرز في المضي قدما في تنفيذ التفاهمات التي توصلت إليها حماس مع إسرائيل بوساطة مصرية وقطرية وأممية”.

ويشير إلى أن “تنفيذ التفاهمات يأتي في إطار التخفيف من الحصار الإسرائيلي على القطاع، من خلال السماح بدخول الأموال القطرية بشكل رسمي إلى القطاع، وأيضا تنفيذ مشاريع تنموية بتمويل أوروبي، ومن ضمنها أيضا السماح للمزيد من العمال الفلسطينيين بالعمل في المدن الإسرائيلية”.

ويرى أن “إسرائيل تسمح للعمال، ليس فقط لتخفيف الحصار عن غزة، ولكن هي تسعى إلى تحقيق المزيد من المكاسب، فمن المعروف أن العامل الفلسطيني يتقن العمل في مجالات عدة بعائد مادي أقل من الأموال التي يتم دفعها للعمال الأجانب”.

ويتابع الدجني أن إسرائيل تسعى أيضا إلى إدخال أموال إلى غزة من خلال العمل، مما يساهم بشكل كبير في التغلب على الكساد الاقتصادي في غزة بشكل غير مباشر.

وكانت مصادر إسرائيلية أعلنت بأن إسرائيل توصلت إلى تفاهمات غير رسمية مع حماس المسيطرة على غزة منذ أكثر من 12 عاما إلى زيادة أعداد العمال للدخول إلى إسرائيل، في سبيل التخفيف من الحصار.

ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن المصادر قولها، إن الاتفاق، يأتي من أجل التخفيف من التوترات التي تحصل على الحدود الشرقية لقطاع غزة.

وأشارت إلى أن ذلك “يضمن أن يلتزم الغزي في عمله الذي يدر عليه المال بدلا من التوجه نحو الموت، فهو سيفضل العيش بحياة كريمة بدلا من الحروب”.

ولم تعقب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على تلك التقارير الإسرائيلية رسميا.

إلا أنها ترى أن السماح للعمال الفلسطينيين بالعمل داخل إسرائيل وزيادة أعدادهم جزء من تفاهمات كسر الحصار المفروض على قطاع غزة.

وقال عضو المكتب السياسي لحماس خليل الحية، في تصريحات للصحفيين، إن التسهيلات التي تجري في قطاع غزة تتم تحت زناد مسيرات العودة الشعبية على حدود غزة والفصائل الفلسطينية المسلحة.

وأضاف الحية أن حركته تجري محادثات مع قطر لتطوير المنطقة الصناعية (كارني) شرق غزة لاستيعاب أكبر قدر من العمال لتسهيل مهمة الإنتاج والتصدير، إلى جانب استمرار الجهود لفتح آفاق جديدة وفتح المصانع وتطوير الصناعة في قطاع غزة.

ومنذ أشهر تتوسط مصر والأمم المتحدة، إضافة إلى قطر في تفاهمات غير مكتوبة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في مسعى لتعزيز وقف إطلاق النار وتجنب مواجهة عسكرية مفتوحة.

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي مدير العلاقات العامة في غرفة تجارة وصناعة غزة ماهر الطباع، لـ “شينخوا” إن إسرائيل تعهدت بأن تزيد بصورة كبيرة عدد تصاريح الدخول لرجال الأعمال من القطاع إلى أراضيها.

وأشار الطباع إلى أن عدد التصاريح ارتفع بنسبة 66 % من 3 آلاف إلى 5 آلاف تصريح، لافتا كذلك إلى انخفاض أعمار العمال المسموح لهم بالدخول حتى سن 30 عاما.

وقال إن “الأعداد من العمال ما زالت غير مؤثرة في الاقتصاد في غزة، ولكن حين يتم زيادتها ستتحسن الأوضاع الاقتصادية وستساهم بشكل كبير في إنعاش الأسواق الغزية بما يعود بالفائدة على المواطنين في غزة”.

ويلقي الحصار الإسرائيلي بظلاله القاتمة على الواقع الاقتصادي والمعيشي في غزة، بحيث أن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أكد في تقرير أن معدل البطالة في القطاع وصل حوالي 52 في المائة.

وأوضح التقرير أن حوالي 83 في المائة من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر، نتيجة لتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي المشدد على القطاع.

ويبلغ معدل الدخل اليومي للفرد دولارين، وذلك بحسب اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار على غزة، وهو ما يعد الأسوأ عالميا.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن