قتال إسرائيل يجمعنا

شارل أيوب
شارل أيوب

ليس المهم أن يجتمع العرب في قمة على مستوى الملوك والرؤساء، بل المهم أن يكون للدول العربية استراتيجية مشتركة.

وليس المهم أن يتوحد أو يجتمع بلدان عربيان على مستوى رئيسي الجمهورية فيتصالحان ويتصافحان ويتبادلان القبل، بل المهم أن يتوحد شعبهما من خلال وحدة الحياة ووحدة المجتمع ووحدة المصير.

ليس المهم ان تصدر بيانات ختامية عن قمم عربية مكتوبة بنودها في واشنطن أو ربما غيرها، بل المهم ان يصبح العالم العربي صاحب إرادة وسياسة واستراتيجية مستقلة تنبع من مصلحة قضاياه.

لو توحد العالم العربي اليوم لشكلّ القوة الكبرى بعد الجبارين بدل أن يكون مجزءاً إلى دول تابعة لواشنطن وموسكو، وأخرى ضائعة محتارة في تبعيتها، وأخرى محاصرة بسبب إستقلاليتها.

ليست مشكلة العالم العربي اليوم في أن سوريا تقاطع القمة العربية في بغداد ويضطر لبنان بطبيعة وضعه إلى المقاطعة أيضاً بل المشكلة في أن الخلاف في النظرة إلى الأمور تؤدي إلى المقاطعة وأن فقدان الاستراتيجية الواحدة يمنع اجتماع العرب في مؤتمر واحد.

ان أهم استراتيجية يجب ان يجتمع عليها العرب هي استراتيجية مقاتلة اسرائيل وهي أن لا حلول منفردة مع اسرائيل لا من قبل الفلسطينيين ولا من قبل غيرهم، بل جبهة عربية واحدة في القتال، وجبهة عربية واحدة للمفاوضة على اساس أن الحق العربي واحد ولا يتجزأ، ولا يمكن إذا نال فريق حقه أن يكون ذلك على طريق نيل بقية الفرقاء حقوقهم. بل الصحيح أن نيل فريق واحد لحقه سيكون على حساب الآخرين ولصالح اسرائيل.

ان العالم العربي مدعو هذه المرة لإثبات وجوده بدل اللهاث وراء المفاوضات، ووراء الأميركيين والسوفيات وغيرهم، كفانا انتظار سلام من اسرائيل فهو من المستحيلات. وكفانا ضلالاً، فإن لنا في تجربة «كامب ديفيد» أكبر برهان.

ان الاستراتيجية العربية الوحيدة يجب أن تكون قتال اسرائيل وبناء الجيوش المستعدة لذلك والمجهزة بأحدث الأعتدة والمدربة فعلاً لقتال اسرائيل لا لحماية الأنظمة.

ان العنفوان العربي مطلوب أن يستيقظ هذه المرة وأن يعرف طاقاته، وأن يعرف أنه لو قرر لفعل، ولو جمع طاقاته لغيرّ مجرى التاريخ في الشرق الأوسط وفي كل العالم العربي.

هل يجوز أن يبقى العالم العربي مفككاً، خائفاً من اسرائيل، خائفاً من هجرة قطاع الطرق الى فلسطين؟

هل يجوز ان تقطع تركيا يوما مياه الفرات عن سوريا والعراق ولا أحد يتحرك؟

وهل يجوز أن نتخلى عن عنفواننا العربي أمام الأمم التي تطوقنا وأهم خطر علينا الخطر الاسرائيلي؟

آن الأوان للعالم العربي ان يرفض فعلاً خطة أميركية تجبره على التنازل عن فلسطين وعن حقوقه مقابل استمرار بعض الأنظمة التي تخاف سقوطها، وآن الأوان للمراهنين على أن تعطيهم واشنطن جزءاً من حقوقهم أن يعوا أن كل سلام جزئي هو استسلام ودخول في الفلك الاسرائيلي من حيث لا يدرون.

إن في شعبنا طاقات مقاتلة، فها هي الانتفاضة في الضفة الغربية تقاوم التنين اليهودي. وتشكل شوكة في حلقه، وها هم أبطال المقاومة لا يرتدون عن اسرائيل إلا شهداء أو أبطال قتال.

إن في شعبنا طاقات تشكل كلمة الفصل في صراعنا الوجودي مع اسرائيل. فكفى العرب قمماً ومسايرة لواشنطن أو لموسكو، وكفاهم تبعية فيما هم يشكلون قوة من أكبر القوى العالمية لو توحدوا.

إن القرار المطلوب هو إعلان التعبئة العربية العامة بصورة فعلية وجدية، ووضع كل الطاقات العربية المادية والبشرية في سبيل القتال ضد اسرائيل، وعندها تكون وحدة العالم العربي على أساس هذا القرار وحدة جدية لا وحدة رؤساء وملوك وقمم فولكلورية وبيانات ختامية أميركية.

ان قتال اسرائيل فعلاً، وليس بالشعارات فقط، هو الذي يجب ان يجمع الدول العربية. فلقد خسرنا فلسطين وجنوب لبنان والجولان، ونكاد نخسر وجودنا كله ونحن نعتقد بالسلم مع اسرائيل فيما هي تستقدم الملايين من اليهود لتوطينهم في ارضنا بعد اغتصابها.

ألا يدري العرب ماذا يعني استقدام ملايين اليهود منذ سنوات ماضية وخلال سنوات مقبلة، وهم يجهلون اسرائيل، وتقوم هي بتعليمهم اللغة العبرية وتوزيعهم على الأراضي المحتلة. ان ذلك يعني مخططاً واحداً هو قيام اسرائيل الكبرى على حساب العالم العربي القوي والموحد.

في الخرطوم قال العرب ثلاث لاءات، لكنهم لم يبنوا جيوشاً كلهم فكانت حرب تشرين مقتصرة على مصر وسوريا. وأما اليوم والجيش السوري جاهز وقوي، وكذلك الجيش العراقي الذي امتلك تجربة قتالية كبيرة، وكذلك مصر والأردن، فلا بد من حشد كل الطاقات والامكانيات لبناء بقية الجيوش العربية ووضع كل الطاقات المادية بتصرف الدول المقاتلة بدل وضعها في المصارف الاميركية، وعندها يمكن ان نبدأ بالحصول على جزء بسيط من حقوقنا لأنه يجب ان نعرف أن الشرق الأوسط مصاب بالسرطان اليهودي وستمر أجيال قبل اقتلاع هذا السرطان، وسيستشهد منا مئات الألوف وربما نفوق المليون شهيد من أجل استرجاع حقوقنا.

إنها الحقيقة، ويجب أن نعرفها، ولا مفرّ من قتال اسرائيل على قاعدة توحيد كل الطاقات العربية المادية والبشرية ووضعها بتصرف المعركة الاساسية، وعندها يحصل التضامن العربي والإجماع العربي الحقيقي، وخارج ذلك فان كل ما يجري يكون فولكلور قمم عربية وبيانات ختامية. وعندها على قاعدة قتال اسرائيل فعلاً لا قولاً، لن نحتاج إلى اجتماعات عربية، بل سنكون موحدي الكلمة في دمشق وبغداد وبيروت والقاهرة والرياض وصنعاء وعمان، وفي كل مكان من عالمنا العربي الذي ينهشه اعداؤه اليوم وهو ملهي عن التنين. فلنأخذ القرار بمقاتلة التنين، ففي ذلك وحدتنا وعزنا وعنفواننا واسترجاع حقنا.

شارل ايوب

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن