قراءة في إجراءات عزل ترامب

د. لؤي ديب
د. لؤي ديب

الكاتب: د. لؤي ديب

مع إعلان رئيسة مجلس النواب الأمريكي زعيمة الديمقراطيين نانسي بيلوسي متضامناً معها كل رؤساء اللجان في الكونغرس الأمريكي البدء رسمياً في إجراءات عزل ترامب ، يبدو أن ترامب سيواجه معركة قاسية لصيقة الشبه بتلك التي يواجهها حليفه نتنياهو حيث وجد الأخير عرباً وفلسطينيين للأسف يعطونه قبلة الحياة وفرصة لإنجاز مهمته فمنّ الذي سيعطي ترامب قبلة الحياة كخليله ؟

حتي نستطيع قراءة الأمر جيداً ولا نرفع سقف التوقعات أو نقلل منها علينا أن نفهم ما يواجه ترامب حيث يواجه :

1/ الإتهام الرسمي :

– إنتهاك الدستور الأمريكي عبر السعي للحصول علي مساعدة دولة أجنبية لإيذاء خصمه الديمقراطي جون بايدن .

– تصرفات مشينة أدت لخيانة القسم وخيانة الأمن القومي والإعتداء على نزاهة الانتخابات الأمريكية .

2/ خلفية الاتهام :

– التسجيلات الصوتية التي كشفت عنها تقارير إعلامية وضابط سابق حيث دعا ترامب خلال محادثة هاتفية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى فتح تحقيق جنائي ضد نجل المرشح الديمقراطي جون بايدن منافس ترامب واستخدم ترامب خلال المحادثة وسائل ضغط وترغيب واستخدم بشدة تقديم مساعدة عسكرية ضخمة كوسيلة ضغط .

3/ حدود التحقيق :

– وفق الاتهامات لن تبقي حدود التحقيق في طور المحادثة ولن تُحصر بها وسيمتد التحقيق إلى محاضر المحقق الخاص السابق والذي رفضت وزارة العدل الامريكية نشر كل تقريره واكتفت بالخلاصة ، وسيكون لزاما عليها الآن مع التحقيق الرسمي من الكونغرس نشر كل المحاضر ولن تنتهي المطاردة بالعلاقات الجنسية لترامب .

وحتى نفهم كيف يسير هذا التحقيق وما هي الفرص السياسية التي يمكن أن نحققها أثناء ذلك أو علي الأقل تعطيل خطوات سياسية للادارة الأمريكية والزج بها للتحقيق ، حيث يسمح هذا التحقيق لمن يملك المعلومات من داخل وخارج الولايات المتحدة بتقديم ما لديهم من ادلة او شكوك ، وملف الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والجولان لم يخلو من اتفاق انتخابي بين ترامب ونتنياهو وهناك أدلة وجلسات علنية خاطب فيها نتنياهو الجالية اليهودية وطلب دعم ترامب لأنه وعده بأنه سيعطيه القدس والجولان ، وقد سبق لترامب أن طلب من نتنياهو منع نائبتين ديمقراطيين من دخول الكيان والأراضي الفلسطينية ووثقها ترامب على تويتر واعلم من مصادر أكيدة أن حدث النائبتين سيكون ضمن مساءلات اللجان .

ايضا هناك دول عربية سوف تتضرر من هذا التحقيق وهناك ملفات ساخنة ستحدث الكثير من الهزات

ولكي ندرك ما الذي سيحدث لا بد من إلقاء نظرة على تاريخ العزل في أمريكا حيث من بين 45 رئيس تناوبوا على الرئاسة واجه ثلاثة منهم اجراءات العزل من المنصب وفشلت الإجراءات في حالتين وانتهت في الثالثة عند استقالة الرئيس ولم تُستكمل التحقيقات وأُغلق الملف وتمثلت تلك الحالات في :

1/ اجراءات عزل الرئيس أندرو جونسون الرئيس ال 17 ( ديموقراطي) وخليفة ابراهام لينكولن حيث أراد استكمال الاتحاد واستثني العبيد المحررين من خططه وعلى اثر ذلك أجرت ولايات الجنوب انتخابات وأعادت قادة العنصرية وحرمت العبيد المحررين من حقوقهم ودخل الرئيس في صراع من الولايات وحكوماتها المحلية انتهت بالتصويت على عزله في الكونغرس ، وتجنب ذلك في مجلس الشيوخ بفارق صوت واحد لا غير.

2/ اجراءات عزل الرئيس ريتشارد نيكسيون الرئيس ال 37 ( جمهوري) حيث أدت فضيحة الذي كشف أن الرئيس اعطي اوامر للتجسس على المقر الرئيس للحزب الديمقراطي الأمريكي في واحدة من أكبر الفضائح السياسية في التاريخ الأمريكي وهو ما عُرف وقتها بفضيحة ( ووتر غيت) وواجه نيكسيون تهم اساءة استخدام السلطة وتحدي قرار المحكمة برفض المثول أمامها وعرقلة سير العدالة واستقال اثناء الاجراءات بعد عام واحد من تسلمه ولايته الثانية وتوقف التحقيق ولم يكتمل في صفقة يُقال أن الدولة العميقة فرضتها لان استكمال التحقيق كان سيكشف عن فظائع الدولة وعملها السري .

3/ إجراءات عزل الرئيس بيل كلينتون الرئيس 42 ( ديموقراطي) حيث أدت فضيحة علاقاته الجنسية مع المتدربة في البيت الابيض مونيكا لوينسكي ، وأصدر الكونغرس قرار بعزله من منصبه وادين بالكذب وعرقلة القانون والعدالة ، لكن عند صعود القرار لمجلس الشيوخ للمصادقة عليه بعد عام من صدور القرار الأول برأه مجلس الشيوخ من التهم وسمح له بإكمال فترة رئاسته .

حالتين جديدتين التشابه مع وضع ترامب حيث يسيطر الديموقراطيين على الكونغرس والجمهوريين على مجلس الشيوخ لكنهم لا يمتكلكوا اغلبية الثلثين اللازمة لتبرئة الرئيس لكن الاختلاف الأهم هو التوقيت الذي اختاره الديموقراطيين قاتل ، فهم يراهنوا على الفضائح في التحقيق الموازي للانتخابات وبالتالي التأثير في النتائج واستخدام ضغوط تدفع الجمهوريين للتضحية بترامب وهو ما تشهد صالونات أمريكا نقاشاً حول جدواه بين الجمهوريين الذين اصبح قسم كبير منهم يضيق ذرعا بترامب ، فما هي فرصهم لقطع الطريق على الديموقراطيين وتجنب هزيمة انتخابية من خلال التضحية بترامب بخطوة استباقية وبعيدا عن الكونغرس في خطوة تظهر شجاعة الجمهوريين على تطهير أنفسهم وتوفير أموال دافع الضريبة وهي تناقش وهناك من بدأ يجهر بها فكيف ؟

من خلال اللجوء إلى التعديل 25 للدستور الأمريكي والذي صدر في العام 1967 والذي جاء ليغطي إشكاليات منصب الرئيس بعد اغتيال جون كيندي

حيث يعطي هذا التعديل لنائب الرئيس والموظفين الرئيسيين في الادارة والوزراء الحق في الإعلان عن رؤيتهم بأن الرئيس غير قادر على إدارة مهامه بشكل أمثل ويتولى نائب الرئيس رئاسة امريكا بالوكالة الى حين موعد الانتخابات التالية .

المحاكمة ستكون مسلية وتكشف اسرار كثيرة وكواليس جمة ، بعد تصويت مجلس النواب على قرار العزل بالأغلبية البسيطة ، يصعد القرار لمجلس الشيوخ الذي سيعقد محكمه ، سيكون فيها الكونغرس هو الادعاء العام ، وسيكون أعضاء مجلس الشيوخ هم المحلفين ويقود المحكمة رئيس المحكمة الأمريكية العليا ويلزم لعزل الرئيس نهائيا ثلثي أصوات هيئة المحلفين أي 75 صوت من أصل مئة وهو ما لا يمتلكه ترامب حيث أن غالبية الجمهوريين في مجلس الشيوخ بسيطه اضافة لخلافات ترامب مع ثلاثة من الأقوياء الجمهوريين فيه وسيكون مصيره بيدهم .

فكيف ومنّ الذي سينقذ ترامب ؟ وكم من الفضائح الصادمة التي كانت تدور في الشرق العربي سنري !

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن