لا أحد يعرف بالضبط تفاصيل الانسحاب الأميركي من أفغانستان

لا أحد يعرف بالضبط تفاصيل الانسحاب الأميركي من أفغانستان
لا أحد يعرف بالضبط تفاصيل الانسحاب الأميركي من أفغانستان

أنجز الانسحاب الأميركي من أفغانستان، المقرر استكماله بحلول سبتمبر، بنسبة تتراوح بين 16 و25 في المئة وفقًا لتقدير أسبوعي للبنتاغون نشر الثلاثاء، ما يظهر استمرار عمليات الانسحاب بوتيرة ثابتة.

ومنذ أن أصدر الرئيس جو بايدن أوامر بمغادرة القوات في أبريل، سحب الأميركيون من البلاد ما يعادل 160 طائرة شحن من طراز سي-17 محملة بالعتاد، وفقًا للقيادة المركزية للجيش الأميركي. كما قاموا بتسليم أكثر من 10 آلاف قطعة من المعدات إلى وكالة تابعة للبنتاغون لتدميرها.

وفيما يرفض الجيش الأميركي أن يكون أكثر دقة بشأن وتيرة الانسحاب وموعده النهائي “حفاظا على أمن العمليات” مازالت تفاصيل الانسحاب وتصورات الإدارة في المرحلة التي ستليه غامضة حسب المتابعين.

وعندما أراد بايدن وقف أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة اكتفى بقوله إن أسباب بقاء الجنود بعد 10 سنوات من وفاة زعيم القاعدة أسامة بن لادن أصبحت “غير واضحة بشكل متزايد”.

وبعد أن أصبح الرحيل واردا تحولت الأسئلة إلى خطة بايدن لما بعد الانسحاب.

وفي ظل ضبابية مرحلة ما بعد الانسحاب، يتساءل روبرت برنز في تقرير لوكالة أسوشيتد برس عن النهج الذي ستتوخاه إدارة بايدن في هذه المرحلة، وهو سؤال لم تقع الإجابة عنه بعد.

فماذا ستفعل الولايات المتحدة إذا استغلت طالبان فرصة رحيل الجيش الأميركي واستولت على السلطة؟ وهل يمكن لها وللمجتمع الدولي منع تفاقم حالة عدم الاستقرار في أفغانستان من خلال الدبلوماسية والمساعدات المالية وحدها بعد أن بقيت القوات الأميركية وقوات التحالف هناك لمدة عقدين من الزمن؟

وفيما تعترف إدارة بايدن بأن الانسحاب الكامل لا يخلو من مخاطر تجادل بأن انتظار وقت أفضل لإنهاء تورط الولايات المتحدة في الحرب سيؤدي إلى عدم المغادرة أبدا، بينما تتفاقم التهديدات في أماكن أخرى.

وكان بايدن يميل إلى إبقاء كتيبة صغيرة تتصدى لتنظيم القاعدة، أو لأي تهديد من تنظيم الدولة الإسلامية، أو القيام بالانسحاب عملا بالتقدم الميداني أو عملية السلام البطيئة، إلا أنه في النهاية لم يعتمد أيا من هذين الخيارين وقرر أن يأمر بانسحاب كامل باستثناء قوة محدودة لحماية المنشآت الأميركية بما يشمل السفارة في كابول.

ماذا بعد مغادرة القوات

تتراوح التوقعات من توقع مرحلة كارثية إلى مجرد فترة صعبة. ولا يستبعد مسؤولون اندلاع حرب أهلية تخلق أزمة إنسانية في أفغانستان يمكن أن تمتد إلى دول أخرى في آسيا الوسطى، بما في ذلك باكستان المسلحة نوويا. ويكمن السيناريو الأكثر تفاؤلا في أن يتحقق السلام بين حكومة كابول ومتمردي طالبان.

وفي جلسة استماع بمجلس الشيوخ يوم الخميس سُئل المسؤول عن ملف آسيا في البنتاغون ديفيد هيلفي عن سبب بقائه متفائلا بينما قُتل مئات الأفغان في الأسابيع القليلة الأولى من الانسحاب الأميركي. وأجاب هيلفي “لن أقول إنني متفائل”، مضيفا أن اتفاق السلام لا يزال ممكنا.

وتقول الإدارة الأميركية إنها ستحث الكونغرس على مواصلة السماح بمليارات الدولارات من المساعدات للجيش والشرطة الأفغانييْن، وتقول وزارة الدفاع الأميركية إنها تعمل على إيجاد طرق لتقديم الدعم والمشورة لصيانة الطائرات من بعيد. وقد أنجز عدد من المتعاقدين الأميركيين، الذين غادروا مع القوات، الكثير من هذا العمل. وقد يعرض الجيش الأميركي إرسال بعض قوات الأمن الأفغانية إلى دولة ثالثة للتدريب أيضا.

لكن لا شيء من هذا التدريب أو المشورة أو الدعم المالي مضمونا، كما أنه من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستوفر قوة جوية لدعم القوات البرية الأفغانية من قواعد خارج البلاد.

وتعتبر القوات الجوية الأفغانية مركزية في الصراع الدائر، لكنها لا تزال تعتمد على المتعاقدين والتكنولوجيا الأميركية. وللأفغان، على سبيل المثال، طائرات دون طيار ولكن ليس من النوع المسلح، مما يجعلها أقل فاعلية في المعركة.

ويأتي الانسحاب الأميركي في الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من عودة حركة طالبان بقوة أمام توقعات بإبرامها تحالفا مع تنظيم القاعدة.

وكانت طالبان تعهدت في اتفاق فبراير سنة 2020 بالتنصل من تنظيم القاعدة، لكن هذا الوعد لم يُمتحن بعد. وهذا مهم في ضوء استعداد طالبان لتوفير ملاذ لبن لادن وزملائه في القاعدة خلال سنوات حكمها في التسعينات.

الغموض سيد الموقف

ويشير جوزيف جيه كولينز، وهو كولونيل متقاعد بالجيش درس الحرب الأميركية في أفغانستان منذ بدايتها، إلى أنه منذ عامين كان البنتاغون يحذر الكونغرس من وجود روابط دائمة بين القاعدة وطالبان. وفي تقرير صدر في يونيو 2019 أوضح البنتاغون أن القاعدة وفرعها في باكستان، قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية، يدعمان مقاتلي طالبان وقادتها ويدربانهم ويعملان معهم بشكل روتيني.

ويشكك كولينز في تخلي طالبان عن علاقاتها مع القاعدة. وذكر في مقابلة صحافية أنه لا يعتقد ذلك على الإطلاق.

وخلال الشهر الحالي أبلغت هيئة الرقابة المسؤولة عن الإشراف على أفغانستان الكونغرس بأن القاعدة تعتمد على طالبان في الحماية.

وقال التقرير، نقلا عن معلومات قدمتها وكالة استخبارات الدفاع في أبريل، إن “الجماعتين عززتا العلاقات على مدى العقود الماضية، مما يقلل احتمال حدوث انقسام تنظيمي”.

وفيما يشير البنتاغون إلى أن جميع قوات العمليات الخاصة الأميركية ستغادر في موعد أقصاه 11 سبتمبر، إلا أنه من شأن ذلك أن يصعّب عمليات مكافحة الإرهاب في أفغانستان بما في ذلك جمع المعلومات الاستخباراتية عن القاعدة والجماعات المتطرفة الأخرى، ولكن مع ذلك لن تكون مستحيلة.

ويكمن رد الإدارة على هذه المشكلة في مواصلة القتال من “فوق الأفق”. وهذا مفهوم مألوف لدى الجيش الذي اتسع نطاقه الجغرافي مع ظهور الطائرات المسلحة دون طيار وغيرها من التقنيات.

لكن هل ستنجح هذه الطريقة؟ هنا يرد متابعون بالقول إن الإدارة الأميركية لم تعقد بعد أي اتفاقيات تأسيس أو وصول مع الدول المجاورة لأفغانستان، مثل أوزبكستان. لذلك قد يتعين عليها الاعتماد على القوات المتمركزة في الخليج العربي وحوله، في البداية على الأقل، مما يعني أن نتائج الحرب على الإرهاب ستكون طويلة المدى.

مهمة دبلوماسية صعبة

تؤكد الإدارة الأميركية أنها ستحتفظ بوجود السفارة الأميركية، لكن ذلك سيصبح أكثر صعوبة إذا أدى رحيل الجيش إلى انهيار الحكومة لصالح طالبان.

وصرح الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، للصحافيين الأسبوع الماضي بأن تأمين الوصول إلى مطار كابول الدولي سيكون مفتاحا لتمكين الولايات المتحدة والدول الأخرى من الاحتفاظ بسفارات. وكشف أن الولايات المتحدة وحلفاء الناتو يفكرون في بذل جهد دولي لتأمين ذلك المطار.

وعلى غرار المأزق السياسي تكمن المشكلة أيضا في مصير المدنيين الأفغان الذين قد تستهدفهم طالبان أو جماعات أخرى بداعي مساعدة المجهود الحربي الأميركي.

صحيح أنه بإمكان المترجمين وغيرهم ممن عملوا في حكومة الولايات المتحدة أو الناتو الحصول على ما يعرف بتأشيرة الهجرة الخاصة، أو “إس آي في”، لكن عملية التقديم قد تستغرق سنوات.

وكان مبعوث واشنطن الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد قد أخبر الكونغرس بأن الإدارة الأميركية تريد حماية هؤلاء المدنيين، لكنها تحاول تجنب الذعر الذي قد ينفجر إذا بدا أن الولايات المتحدة تشجع “رحيل جميع الأفغان المتعلمين” بطريقة تقوض معنويات قوات الأمن الأفغانية.

مقالات قد تعجبك:

واشنطن: لا ضمانات بعد سحب القوات الأميركية من أفغانستان

ما مصير القوات الأمريكية في الخليج بعد الانسحاب من أفغانستان؟

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن