مساعي إسرائيل لاستمالة الدروز .. الإسراع في بناء المستوطنة الأولى

مساعي إسرائيل لاستمالة الدروز .. الإسراع في بناء المستوطنة الأولى

 

في يوليو من هذا العام وافق الكنيست الإسرائيلي على ما يسمى بقانون “القومية”، الذي يحدد إسرائيل بكونها دولة يهودية، مما أثار احتجاجا عارما في صفوف فلسطيني الداخل، والدروز على وجه الخصوص، لأن القانون بصورته النهائية يقر عدم الاعتراف بوجودهم كمواطنين في الدولة، فالقانون تجاهل وجود غير اليهود على الأرض، مع الإصرار على تسمية الدولة باليهودية فقط وليس الديمقراطية، ويتعارض حتى مع ما يسمى “وثيقة الاستقلال”.

ورغم خروج مظاهرات حاشدة نظمها الدروز للاحتجاج على القانون، فلم تتراجع حكومة نتنياهو، لكنها حاولت امتصاص غضب الدروز بإقرار منحهم المزيد من المخصصات، وخروج تصريحات لوزراء من الحكومة تثمن “مساهمة” الدروز في الجيش الإسرائيلي عبر تجنيد أبنائهم.

صدر ولم يُنفذ

قرار إقامة أول مستوطنة درزية في منطقة حطين بالجليل الأسفل ليس جديدا، ولكن كان الحديث عنه في عام 2012، وفي 2015 تمت الموافقة على مبادرة وحدة الاستيطان التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، لكن رغم صدور القرار والموافقة عليه فلم يحدث تنفيذ على أرض الواقع، ومؤخرا خرجت محاولات لتسريع تنفيذ بناء المستوطنة، حيث أعطت اللجنة التوجيهية (لجنة مسئولة عن وضع الأفكار التي سيتم تنفيذها في مشروع ما) موافقة نهائية، حيث تقرر بناء 2500 وحدة سكنية لأبناء الطائفة الدرزية على المنحدر الجنوبي لحديقة حطين.

موضع ديني وتاريخي مقدس

منطقة قرون حطين وما حولها في الجليل الأسفل هي في الأساس منطقة ذات تاريخ وتحمل تراثا مهما، لوجود مقام النبي شعيب في نطاقها، وهو ما يجعلها قبلة للدروز تحديدا، ولا يعني هذا موافقتهم على البناء عليها والسكن فيها، لكنهم يريدون أن تظل المنطقة ذات دلالة دينية مقدسة.

إذا فالمنطقة التي تنوي إسرائيل بناء مستوطنة فيها لترضية الدروز بعد صدور قانون “القومية” هي موضع مقدس للمسلمين السنة والدروز على السواء، وكذلك بالنسبة للمسيحيين، حيث يقال إن السيد المسيح عيسى بن مريم حيث شهدت منطقة كفر ناحوم بالجليل الظهور العلني للمسيح جاعلا من المنطقة مدينة له، وفيما بعد أقام الكاثوليك كنيسة لهم في هذه المنطقة.

كما أنها شهدت أحداث معركة حطين التاريخية التي انتصر فيها صلاح الدين على الصليبيين، ومهدت لتحرير القدس فيما بعد، وهذا يضاف لأهميتها التاريخية، وكذلك شهدت المنطقة على تاريخ حضاري وعسكري وسياسي، فقد حاربت العشائر العربية المسلمة قوات كليبر التابعة لنابليون في المنطقة خلال القرن السابع عشر، كما أظهرت الحفريات الأثرية وجود منظومة طرق منذ عصر الرومان، وكذلك آثار معارك من العصر البرونزي والعصر البيزنطي القديم، بل وظهرت دلائل على وجود للكنعانيين في المنطقة.

يبدو بناء مستوطنة للدروز في هذا المكان تحديدا كسكب البنزين فوق النار، لأن هذا يعني استقطاع أرض لصالح الدروز وزرعهم فيها، بينما تشهد العلاقات التاريخية بينهم وبين المسلمين توترا نابعا لأسباب دينية بالطبع، إضافة لأسباب سياسية تتعلق بانضواء الدروز تحت لواء العلم الإسرائيلي وجيش الاحتلال، ناهيك عن إثارة مشاعر المسيحيين الكاثوليك الذي يعتبرون المنطقة إحدى أكثر المواضع قداسة لديهم.

أيوب قرا مهندس استمالة الدروز

منذ صدور قانون “القومية” ندب بنيامين نتنياهو وزير الاتصالات في حكومته أيوب قرا ليقوم بالتفاوض مع زعماء الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها الوزير المولود في دالية الكرمل.

مستوطنة درزية بين مستوطنات يهودية دينية

من المعروف أن 80% من الدروز يعيشون في قرى بمنطقة الجليل الأعلى، في حين تُسرع الحكومة الإسرائيلية في بناء مستوطنة جديدة لهم في الجليل الأسفل، وفوق أراض تقع بين أراضي كيبوتس لافي، وهي قرية تعاونية يهودية دينية، وهذا ما يثير قلق الدروز كذلك، كما أن هذه الأرض المستهدفة لبناء المستوطنة عليها هي أرض زراعية تسيطر عليها كيبوتسات لافي وبيت ريمون، ومن المؤكد أن سكانها من اليهود يعارضون تحول هذه الأرض التي يستثمرونها في الزراعة إلى وحدات سكنية يعيش فيها الدروز بينهم.

تبدو مساعي حكومة نتنياهو لإقامة مثل هذه المستوطنة في منطقة قرون حطين وكأنها محاولة سياسية يائسة لاسترضاء الدروز، لكنها قد تؤدي إلى صراع بين الدروز من جهة وبقية المسلمين في الداخل من جهة أخرى، ناهيك عن المستوطنين المتدينين من اليهود.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن