مصر في غزة

مصر في غزة
طلعت إسماعيل

الكاتب: طلعت إسماعيل

معدات بناء مصرية تدخل غزة وسط ترحيب فلسطيني، ورفع أعلام مصر في كل مكان، قيادات تنفيذية فلسطينية تصل القاهرة للاطلاع على تفاصيل المبادرة التي أطلقها الرئيس السيسي بقيمة 500 مليون دولار لإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي على غزة، وفصائل فلسطينية تستعد لبدء حوار معمق على الأراضي المصرية، خلال أيام، عل الأشقاء يخرجون من حالة الانقسام التي ضاعفت من معاناة الفلسطينيين خلال السنوات العشر الأخيرة على الأقل.. هل نحن أمام مشهد جديد؟

قد يبدو الأمر جديدا لمن لم يفهموا الارتباط الدائم بين قوة مصر في إقليمها وانحيازها بلا مواربة أو مساومة إلى الأشقاء الفلسطينيين بجميع مكوناتهم وفصائلهم، خاصة في الضراء، فالأصل في الأشياء أن تكون مصر حاضرة في المشهد الفلسطيني، مناصرة لأصحاب الحق في وجه عدو غاشم، ودفاعا في الوقت ذاته عن مصالحها وأمنها القومي، لأن فلسطين ستظل خط الدفاع الأول عن مصر، فعلا لا قولا لمن يستوعبون جغرافية وتاريخ بلدهم بصدق.

هذا الكلام عن قدر مصر ودورها في مساندة ودعم الأشقاء في فلسطين المحتلة، باعتباره أمرا طبيعيا، لا يمنعنا من توجيه التحية لمن يديرون الملف، ومن بادروا باتخاذ الخطوات العملية في تدفق الشاحنات المحملة بالمواد التموينية والطبية إلى قطاع غزة، قبل أن تبدأ الرافعات المصرية في إزاحة ركام البيوت التي دمرها العدوان الإسرائيلي الأخير، فقد شاهدنا في سنوات عجاف كيف أغلقت المعابر وتجاهل البعض ما يدور على بعد أمتار من أقدامهم.

رد الفلسطينيون الاعتبار لقضيتهم، بصمودهم، وتصديهم للمحتل وآلته العسكرية التي اقتحمت المسجد الأقصى، وحاولت إخلاء سكان حي الشيخ الجراح في القدس المحتلة، قبل أن يخرج فلسطينيو الداخل في تظاهرات عارمة مؤيدة لإخوانهم في الضفة والقطاع الذى سعى الجيش الإسرائيلي لكسر إرادة سكانه بقتل المزيد من الأطفال والنساء بصورة وحشية جلبت له الخزي في العديد من بلدان العالم.

هذه الصورة التي تعكس تضحيات شعب مقاوم فى مواجهة عدو غاصب للأرض، تتناقض مع اللقطة التي ظهرت في الأيام الأخيرة لأحد قيادات الحركة الإسلامية داخل ما يطلق عليه الخط الأخضر، والمنتمي لجماعة الإخوان، وهو يقف مبتسما إلى جوار اليميني المتطرف نفتالي بينيت وحلفائه بعد لحظات من توقيعه على اتفاق يمنح بينيت أغلبية حاكمة في الكنيست تمكنه من رئاسة الحكومة الإسرائيلية.

منصور عباس، أو «الإخواني الإسرائيلي»، كما أطلق عليه أحد الكتاب العرب، لم ير غضاضة، للأسف، في الدخول في تحالف مع اليمين الإسرائيلي المتطرف، وبما يمكنه من إزاحة بنيامين نتنياهو عن مقعد رئاسة الوزراء الذى تولاه لسنوات طويلة، في تحالف يعكس شعار «الغاية تبرر الوسيلة» على ما يبدو، فقد دفعت الرغبة في الوصول لمقاعد الحكم واحدا ممن ينتمون إلى جماعة طالما يذكرنا أنصارها بأن «جيش محمد سوف يعود» لتحرير الأرض السليبة (!!)، إلى الدخول في شراكة مع عدوه!

بينيت، الذى سيتولى رئاسة الحكومة الإسرائيلية المحتملة، بفضل تحالف منصور عباس معه، سارع عقب الإعلان عن هذا التحالف إلى التأكيد على أن حكومته «لن تجمد الاستيطان في الضفة الغربية، كما أنها ستشن عملية عسكرية على غزة أو لبنان إذا اقتضت الحاجة»، فكيف سيدافع منصور أو «مهزوم» في الحقيقة، عن قرارات حكومة هو يعلم مدى تطرفها، وتمسكها بالاستيطان، وشن العدوان على الفلسطينيين؟!

وحتى نكون منصفين، نقول إن مهزوم عباس هو الاستثناء الذى يثبت القاعدة، في دفاع الفلسطينيين عن حقوقهم وقضيتهم، ورفضهم لكل نشاز يخرج من بين صفوفهم.. لأن «وحدهم من يتمسكون بالأرض ينشئون وطنا».

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن