مليونا ونصف نائب في المجلس التشريعي!

مليونا ونصف نائب في المجلس التشريعي!
صالح النزلي

الكاتب: صالح النزلي

لا ينفك الكثيرون عن التلميح برغبتهم في الترشح للانتخابات التشريعية المرتقبة، والتي ستُجرى بحسب مرسوم رئاسي في الثاني والعشرين من شهر مايو المقبل، حيث سارع البعض لإعلان الرغبة في الترشح بل ومحاولة إقناع المواطنين بما هو غير معقول وعزمه تغيير الواقع الفلسطيني المؤلم، خاصةً لفئة الشباب التي أرهقتها سنوات الانقسام وجعلتها بين سندانة التجاذبات السياسية من جهة وممارسات الاحتلال “الإسرائيلي” من جهةٍ أخرى.

لكنّ الغريب في الأمر توجّه البعض لاتخاذ صفحات وسائل التواصل الاجتماعي وسيلةً للقذف والسب، من أجل إثبات الولاء أيّ بمصلحٍ آخر ما بات يُعرف بـ”التسحيج”، حيث يتم اتخاذ هذه الصفحات من أجل تشويه النسيج الاجتماعي أملاً في إمكانية وجودهم ضمن قوائم المرشحين في الانتخابية المرتقبة.

إنّ الواقع السيئ الذي نعتاشه يومياً في عموم الأراضي الفلسطينية والمستمر منذ 14 عاماً وما يزيد، أيّ مع بداية أحداث الانقسام والاقتتال الداخلي بين الفصيلين الأكبر “فتح وحماس”، يُحتم على كل شخصٍ مسؤول النظر لعذابات شعبنا خاصةً في قطاع غزّة المحاصر، والذي أصبحت فيه الحياة كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، من أجل بناء مستقبلٍ مزهر للأجيال القادمة، وضمان حياة كريمة لأبنائنا ولعدم تكرار المعاناة التي نُعايشها جراء التصارع على سلطةٍ وهمية يتحكم في كل أركانها الاحتلال “الإسرائيلي”، لا أنّ يبحث البعض عن اقتران اسمه بكلمة “نائب”.

وفي استقراء المشهد مع الإعلان عن عقد الانتخابات الفلسطينية، بات واضحاً أنّ حوالي مليوني ونصف المليون فلسطيني يرون في أنفسهم الأحق بلقب “نائب تشريعي”، وهنا لا يتم الحديث بهدف تثبيط المعنويات أو التشكيك في نوايا أحد، بل إنّ الطموح لا حدود له ومن حق كل شخص أنّ يسعى لتعزيز مكانته وتطويرها، لكنّ بدون الاتجاه إلى القذف والتجريح و”التسحيج”، فإنّ كان الوصول إلى كرسي التشريعي سيكون بهذه الطريقة، فكيف سيُصبح حالنا بعد أنّ يُصبح “المسحج” نائباً!!.

مما لا شك فيه أنّ واقعنا الحالي وتدهور كافة جوانبه يستدعي عقلاء يكون بمقدورهم إنقاذ ما تبقى من كرامة شعبنا، وإعادة بناء مؤسساته بصورة سليمة وقويمة، من أجل واقع أفضل نحيا فيه حياةً كريمة ونضمن مستقبلٍ أفضل لأبنائنا وأجيالنا القادمة، ولتأسيس نظامٍ يقوم على العدل بعيداً عن الحزبية المقيتة التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن، وهذا يعتمد بالأساس على خيارات شعبنا في الانتخابات القادمة واستفادته من التجارب السابقة.

لا نحتاج أعضاءً للتشريعي أو أيّ موقع من أجل تحصينهم وتخصيص سيارات فارهة لهم أو صرف رواتب مرتفعة، بل إنّ ما نحتاجه بحق هو واقع أفضل يكون عماده أشخاص أو جماعات دون تسمية أحد، يكون بمقدورهم من كافة النواحي والجوانب تغيير هذا الواقع واستبداله تدريجياً بما هو أفضل، ليتم إعادة الاعتبار لقضايانا الوطنية ولمكانة شعبنا على قواعد وطنية صحيحة.

أدعو شعبنا من نابع المحبة والتقدير لمكانته، إلى تغليب المصالح الوطنية على الفئوية والاستفادة من التجارب السابقة التي أدت بنا إلى ما نحن عليه الآن، فنصف الشباب خارج الوطن يعتاشون في دول أوروبا والنصف الآخر يبحث عن آلية تضمن له الخروج، وشاهدنا في ذلك وفاة العشرات من خيرة الشباب أثناء محاولات الهجرة الغير شرعية، عدا عن تزايد حالات الانتحار، في ظل ارتفاع معدلات البطالة وانتشار الفقر، والأهم من ذلك تراجع مكانة القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، ما يستدعي من الكل الوطني وقفةً جادةً مع الذات والتفكير ملياً في خياراتنا للانتخابات القادمة والتي ستكون نتائجها إنّ جرت مفصلية فإما تراجع دائم أو بدء النهوض بمستقبلٍ أفضل يُعيد لنا الكرامة التي سلبتها سنوات الانقسام.

لدى شباب هذا الوطن تطلعات وآمال كثيرة وأحلام كبيرة، والتي تقف عراقيل الحياة عائقاً في وجه تحقيقها، حيث إنّ كل ذلك يدفعنا لوقفةٍ جادةٍ مع النفس من كل فلسطيني حر، والتفكير جيداً في اختياراتنا للانتخابات المقبلة التي ستُحدد مصير شعبنا وقضاياه ومستقبل أبنائه، فكفى شعبنا الويلات والألم وآن وقت استعادة الكرامة السليبة وإعادة بناء المستقبل لجيل الشباب والأجيال القادمة بعيداً عن التفرد والحزبية والمصالح الشخصية، وصولاً إلى بناء نظام سياسي سليم وموحد يسعى لبناء دولة فلسطينية مستقلة تحمي أبنائها وتضمن حقوقهم لا أنّ تهدرها.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن