نتنياهو وسقوط ذريعة الخطر الإيراني

قلم

إتخذت إسرائيل وحكوماتها اليمينية المتعاقبة من البرنامج النووي الإيراني ذريعة للتهرب من استحقاقات عملية السلام ،على الأقل خلال العشر سنوات الأخيرة كان الخطاب السياسي الاسرائيلي طوال عقد من الزمن يتمحور حول فك اي ارتباط أو علاقة بين غياب الاستقرار في المنطقة وبين غياب وتعثر التسوية السياسية مع الفلسطينين، لم تدخر أسرائيل جهدا ،وقد سعت بشتى السبل إلى إقناع المجتمع الدولي، أن إزالة الخطر الإيران ومنع إيران من الحصول على القدرة النووية ،يعد اساس وجوهر استقرار المنطقة وتعزيز امنها، وقد ساعدها في ذلك الخطاب الإيراني المتشدد الذي ساد في ولايتي محمود احمدي نجاد الذي قدم لنتانياهو خدمات مجانية من خلال خطاباته العنترية في كل مناسبه وعبر كافة المنابر، متوعدا ومهددا بمحو وإزالة إسرائيل عن الخريطة ،وهو ما وفر لنتانياهو هامش من المناورة دوليا. وقد اتضح في ضوء ذلك، كيف أن هذا الخطاب شكل معول هدم وعرقلة لجهود السلام ،وظفه نتانياهو في سياق إقناع العالم بخطابه السياسي ،إلى جانب عوامل أخرى من أهمها الأنتفاضات العربية التي خلطت الاوراق والاجندات والأولويات دوليا وإقليميا،في تمرير سياساته وتبديد افاق السلام والأحتفاظ بإستقرار حكمه دون ان يكلفه ذلك أي ثمن سياسي.

لعل أهمية العامل الايراني في التكتيكات الاسرائيلية،قد تجلت قبل سنتين مع انتهاء عهد وولاية محمود نجاد الرئيس الايراني المحافظ والمتشدد والمنغلق دوليا، ووصول حسن روحاني الرئيس الاصلاحي المنفتح،بما يعنيه ذلك من تحول شبه استراتيجي في الخطاب والسياسات الايرانية ،الامر الذي ترافق مع الكشف عن نتائج مباحثات مسقط السرية نهاية 2013 والتي افضت لإيجاد إطار عمل تفاوضي بين المجموعة الدولية وإيران ،مددت مهلها حتى الأن لفترتين،بيد ان المؤشرات توحي ببوادر نضوج اتفاق حتى نهاية حزيران المقبل. وفق هذا القراءة تتضح عوامل جنون وهستيريا نتانياهو وطغمته من نجاح المفاوضات الدولية مع إيران،وقد يكون اصرار نتانياهو على إلقاء خطابه في الكونجرس مطلع الشهر القادم رغم انه بذلك يوتر العلاقات بين واشنطن وتل ابيب ، بغية التحريض ودفع الكونجرس إلى تعطيل وعرقلة فرص الوصول إلى إتفاق دولي مع إيران،عبر إتخاذ عقوبات اضافية حيال ايران ،يعارضها البيت الابيض في هذه المرحلة خشية ان تفسد فرص ابرام اتفاق محتمل مع إيران. .قد يكون نتانياهو عبر إصراره هذا كمن يرقص رقصة موته الإخيرة قبل سقوطه وسقوط رهاناته وسياساته التي اسندها بدهاء على ذريعة الخطر الايراني لعقد من سياسات التهرب والتذرع بالخطر الايراني….السؤال هنا هل ثمة تأثير لسقوط ذريعة الخطر الايراني على السياسة الاسرائيلية وبالتالي على فرص نجاح نتانياهو بالظفر بولاية رابعة؟؟ لا شك أن نتانياهو نجح في إدارة السياسة الاسرائيلية دوليا من خلال العامل الايراني وبدرجة اقل من خلال الظرف الاقليمي . هنا اذا ما اتفقنا على أن عناصر سياسة وخطاب نتانياهو قد استندت للعامل الايراني،بما يعنيه من افتقار نتانياهو لخطاب وسياسة مقنعة في حال ابرام اتفاق بين الغرب وإيران، نجد ان لسقوط الذريعة الاسرائيلية المتمثلة بخطر إيران الوجودي،تأثير كبير جدا على نهاية نتانياهو السياسية على الاقل لعقد قادم . هنا يبدو نتانياهو قد اسنفذ نفسه وسياساته واستهلك خطابه وهو ما انعكس على علاقات إسرائيل بإوربا والولايات المتحدة ،الامر الذي دفع ما يمكن تسميته بالدولة العميقة في إسرائيل التي تضبط وتحدد الاستراتيجيات الاسرائيلية، إلى نبش ملفات فساده قبيل الانتخابات البرلمانية المزمع اجراءها الشهر القادم للتأثير سلبيا على فرص تكليفه بتشكيل حكومة رابعة،في سياق التحول في السياسة الاسرائيلية ،ليس بهدف احلال السلام وإنما بغية تحسين وإصلاح صورة إسرائيل دوليا عبر الانفتاح المحتمل على عملية السلام بعد الانتخابات القادمة حيث تقتضي المرحلة التغير في التكتيكات في سياق إدارة أزمة عملية السلام حسب الفهم الاسرائيلي.

بقلم الاسير ماهر عرار-  سجن النقب

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن