هكذا ساهمت السياسة الإيرانية في تعزيز التقارب بين تركيا وإسرائيل

هكذا ساهمت السياسة الإيرانية في تعزيز التقارب بين تركيا وإسرائيل
هكذا ساهمت السياسة الإيرانية في تعزيز التقارب بين تركيا وإسرائيل

انتشرت أخبار حول أخطار تهدد السياح الإسرائيليين الذين يزورون تركيا وسط موسم الإجازات الصيفية. وقالت المعلومات المنسوبة إلى أجهزة الاستخبارات التركية والإسرائيلية إن عملاء للنظام الإيراني يتابعون المواطنين الإسرائيليين بهدف خطفهم أو قتلهم.

وبناء على على هذه المعلومات، حثت إسرائيل مواطنيها على مغادرة تركيا وتجنب زيارة إسطنبول بسبب الهجمات الوشيكة، وشكرت إسرائيل أيضًا السلطات التركية على التعاون المثمر في مجال الاستخبارات والأمن، مما أشار إلى مستوى عالٍ من التنسيق مع أنقرة.

وفي نهاية المطاف، تم إحباط المخططات ضد الإسرائيليين في إسطنبول واحتجزت السلطات التركية بعض المشتبه بهم في يونيو/حزيران ويوليو/تموز. وفي بداية أغسطس/آب، أصدرت السلطات التركية لقطات نادرة توثق ملاحقة الوكلاء الإيرانيين للسياح الإسرائيليين في إسطنبول، مما وفر المزيد من المعلومات حول خطط إيران ضد الإسرائيليين.

وأكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية والتركية على مصلحة البلدين في منع الإيرانيين من ارتكاب هجمات ضد الإسرائيليين على الأراضي التركية. وكانت هذه خلفية زيارة “يائير لابيد” – الذي كان يوشك على أن يصبح رئيسًا للوزراء – إلى أنقرة في يونيو/حزيران.

وقبل بضعة أشهر من ذلك، قام الرئيس الإسرائيلي “إسحاق هرتزوغ” (الذي بذل جهودًا كبيرة في تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين) أيضًا بزيارة إلى العاصمة التركية، حيث التقى الرئيس “رجب طيب أردوغان”.

وسرعان ما توج هذا التقارب في عودة السفراء واستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة، مما أنهي فترة طويلة من العلاقات المتوترة بين تركيا وإسرائيل.

علاقات اقتصادية مزدهرة

وبالرغم من الصدع الذي بدأ بحادث سفينة “مافي مرمرة” عام 2010 (يجادل البعض بأنه كان يختمر منذ صعود الرئيس أردوغان إلى السلطة في عام 2002) حافظت إسرائيل وتركيا على علاقات اقتصادية مهمة.

وفي عام 2020 وحده، صدرت إسرائيل بضائع بقيمة 1.5 مليار دولار إلى تركيا، بينما وصلت الصادرات التركية إلى 4.67 مليار دولار. وبالمقارنة، بلغت الصادرات الروسية إلى إسرائيل مليار دولار في عام 2020.

واستفاد كلا الاقتصادين من هذه العلاقات، وليس هناك شك في أن حجم التجارة الثنائية سيستمر في النمو بعد استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة.

وفي مجال الطاقة، أعرب “أردوغان” عن آماله في تعاون إسرائيلي تركي في إنشاء خط أنابيب لضخ الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا. وسيخدم هذا التطور كلا البلدين حيث يعزز نفوذهما الإقليمي والدولي.

وبالإضافة إلى الانعكاسات على الدبلوماسية والسياحة والتجارة والطاقة، هناك أيضًا بُعد أمني لاستعادة العلاقات الإسرائيلية. وظلت تركيا لسنوات تعمل كراعية لحركة “حماس”، وكانت إسرائيل تصر دائمًا على طرد قيادة “حماس” من تركيا من أجل إعادة العلاقات بين البلدين.

ونظرًا للتحول الجيوسياسي الكبير في المنطقة بعد اتفاقيات إبراهام وتعزيز العلاقات مع اليونان (الخصم اللدود لتركيا)، أعادت تركيا الاصطفاف مع دول الخليج وخففت التوترات مع مصر بالتوازي مع خفض دعمها لجماعة “الإخوان المسلمين”.

ومع ذلك، يبقى أن نرى ما إذا كانت قيادة “حماس” ستنتقل قريبًا إلى مكان آخر وتوقف نشاطها على الأراضي التركية.

التوحد ضد إيران

هناك مسألة أخرى ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لإسرائيل وهي تعاون البلدين ضد إيران خاصة مع احتمالات إحياء الاتفاق النووي وتخفيف العقوبات مما يتيح لإيران فرصة للتعافي الاقتصادي والدبلوماسي.

وترى إسرائيل أن إيران أسوأ عدو لها وأنها تهديد وجودي، كما إن تركيا غالبًا ما تجد نفسها على الجانب المقابل لإيران، خاصة في سوريا وأذربيجان. كما إن التعاون الروسي الإيراني يثير حفيظة كل من تركيا وإسرائيل.

في السنوات الأخيرة، زادت تركيا وإيران تعاونهما الاقتصادي، لكن حتى لو تداخلت مصالحهما الاقتصادية في بعض الأحيان، فقد نمت الانقسامات الجيوسياسية بين البلدين أيضًا، وتعد خطط الهجمات ضد الإسرائيليين مثالا جيدا على ذلك.

وأثارت الخطط الإيرانية غضب أنقرة التي رأت فيها تقويضا لأمنها وإضرارا بأهدافها الدبلوماسية المتمثلة في تحسين العلاقات مع إسرائيل وواشنطن. وفي الواقع، فإن التعاون مع إسرائيل ضد الأنشطة الإقليمية الإيرانية قد يخدم مصالح تركيا في الولايات المتحدة جيدًا.

علامات التغيير

ظهر التغيير في السياسة التركية تجاه إسرائيل و”حماس” وإيران خلال العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في غزة في بداية أغسطس/آب الماضي. فبالرغم أن أنقرة هرعت إلى إدانة العملية الإسرائيلية ودعت إلى “ضبط النفس” إلا أن الإدانة نفسها كانت أكثر اعتدالًا من المرات السابقة بشكل ملحوظ.

وبعد أيام قليلة فقط من العملية، استعادت أنقرة وإسرائيل علاقاتهما دون أي قيود. وقد يكون لهذا التغيير علاقة بحقيقة أن المجموعة المستهدفة في غزة لم تكن “حماس”، بل حركة “الجهاد الإسلامي” وهي حركة موالية لإيران وترعاها طهران بشكل مكثف.

ويبقى أن نرى كيف ستتصرف إسرائيل وتركيا بشأن إيران في وقت تسعى فيه بعض القوى الإقليمية – مثل الإمارات – لنزع فتيل التوترات في الخليج.

ويبدو أن إسرائيل وتركيا ستستمران في العمل بشكل مشترك لمنع الهجمات ضد الإسرائيليين في تركيا لأن هذا التهديد لم يتلاشَ تمامًا، وسيتعاون البلدان إمكانية لتحقيق الأهداف المشتركة التي خلقتها السياسة الإيرانية في المنطقة.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن