هل بات اللجوء ثقيلاً على أصحاب الأرض أكثر من المهجرين؟

ماجد سعيد
ماجد سعيد

الكاتب: ماجد سعيد

ما إن نتذكر كفاح الشعب الفلسطيني، وتحديدا اسم الفدائي، إلا وكان لبنان حاضراً، فاللبنانيون احتضنوا الثورة الفلسطينية وشاركوا الفلسطينيين في محطة مهمة من تاريخ الصراع مع الاحتلال، وبيروت كانت العاصمة العربية الثانية بعد القدس التي احتلتها إسرائيل، واللبنانيون ذاقوا مرارة العدوان الإسرائيلي أكثر من مرة.

وإذا كانت أجواء العلاقة بين الفلسطينيين واللبنانيين تعكرت في مرحلة ما، فإن هذه العلاقة اليوم تبدو في حالة أفضل، بعد تصويبها والتطمينات التي نقلها الرئيس محمود عباس في غير مرة إلى القيادة اللبنانية، حول الوجود الفلسطيني في هذا البلد بصفتهم ضيوفا يخضعون للقوانين اللبنانية حتى عودتهم إلى ديارهم التي هجروا منها.

ربما نجد لبيروت عذرا فيما يتعلق بقرارات وزارة العمل الخاصة بتشغيل غير اللبنانيين لديها، لكن ذلك لا يعني محاصرة الفلسطيني وتجويعه، لها الحق في أن تطبق قوانينها بما يتلاءم مع مصلحتها، ولها الحق في أن تخشى كما يخشى الفلسطينيون انفسهم من تصفية قضية اللاجئين، ومن “التوطين” الذي تسعى الإدارة الأميركية وإسرائيل لفرضها، في إطار ما يعرف بصفقة القرن، لكن على لبنان أن يحترم التفاهمات التي جرت مع القيادة الفلسطينية، وأن يكون للاجىء الفلسطيني معاملة مختلفة عن العمالة الأخرى مثلما كان الأمر على مدار العقود الماضية، التي لم تكن أيضا مفتوحة للفلسطينيين، والجميع يعرف معادلة ان الفلسطيني ممنوع من ممارسة سبعين وظيفة ومهنة في لبنان.

مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان صارت اليوم سجونا على من فيها، حواجز عسكرية للجيش اللبناني على مداخلها، وبيوت آيلة للسقوط يُمنع على أصحابها من ترميمها، فمواد البناء لا يسمح بدخولها إلى المخيمات، تحت حجة الوجود المؤقت المستمر منذ سبعين عاما، لجوء أعيا الفلسطينيين، ويبدو أنه أثقل على أصحاب الأرض.

العديد من تصريحات لمسؤولين لبنانيين صدرت، وكان آخرها من رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، تقول إن موضوع القرار بشأن العمال الفلسطينيين انتهى، وأن الوضع سيعود كما كان في السابق، لكن وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان الذي ظهر على شاشة إحدى المحطات التلفزة اللبنانية ليلة الجمعة، أظهر إصراره على موقفه من تطبيق القرارات التي اتخذها، على الرغم من مكاشفة مقدم البرنامج له بأن رئيس الحكومة سعد الحريري وعدد آخر من المسؤولين اللبنانيين تخلوا عنه.

المخيمات المسلحة بدأت تتململ، وهناك تحركات واحتجاجات شعبية في شوارع بعض المدن اللبنانية للاجئين فلسطينيين، ومعهم متضامنون لبنانيون يرفضون قرار وزارة عمل بلادهم، الأمل في أن لا يتطور الموضوع، وأن يتم محاصرته بأسرع وقت بالرجوع عن تلك القرارات، وإلا فإن الخوف أن يدفع الجوع إلى متاهات لا يمكن التنبؤ بمآلاتها ولا يرغب فيها أحد.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن