هل يكون “الحمد الله” بديل أبومازن في رئاسة السلطة؟

هل يكون

بخلاف كل التوقعات التي كانت تصب في مصلحة شخصيات فلسطينية محددة لتولي منصب رئاسة السلطة، خلفاً للرئيس محمود عباس (أبومازن)، يُعد الرئيس الفلسطيني مفاجأة من العيار الثقيل سيعلنها قبل رحيله عن خليفته المنتظر، الذي بقي محل جدال ونقاش واسعين طوال الشهور الأخيرة.

مؤشرات وتوقعات السياسيين والمحللين كانت تتجه جميعها نحو ثلاثة أشخاص لتولي منصب رئاسة السلطة؛ لعل أبرزهم الذي ذهبت إليه كل الترجيحات مدير جهاز المخابرات الفلسطينية العامة، اللواء ماجد فرج، لكن بحسب قيادات فتحاوية بارزة فإن الخليفة سيكون من خارج الحركة والسلطة.

وتقول مصادر محلية إن رئيس الحكومة الفلسطينية د. رامي الحمد الله، بات المرشح الأبرز والأقوى لتولي منصب رئاسة السلطة بعد رحيل عباس، بموافقة فتحاوية وعربية ورضا إسرائيلي وأمريكي.

والحمد الله شخصية أكاديمية تولى رئاسة الحكومة الفلسطينية عام 2013 خلفاً لرئيس الوزراء السابق سلام فياض. شغل منصب رئيس جامعة النجاح في نابلس منذ عام 1998، ويحمل شهادة الدكتوراه في اللغويات التطبيقية من بريطانيا.

القيادات الفتحاوية أكدت أن أبومازن عقد قبل يومين سلسلة لقاءات مغلقة مع بعض من قيادات الحركة ومسؤولي السلطة والفصائل، على هامش اجتماع المجلس الوطني بمدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، وتم فتح ملف خليفته بشكل موسع وواضح.

وأضافت القيادات التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن عباس طلب من القيادات المجتمعة ترشيح أسماء موثوقة لتولي منصب رئاسة السلطة بشكل مؤقت في حال رحيله، حتى التجهيز لموعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة، لكن الأسماء التي طُرحت لم تحظ بإجماع الحضور وكانت محل خلاف مستمر.

وأشارت إلى أن الرئيس عباس فجر المفاجأة الكبيرة حين أعلن للمجتمعين بأنه قد يتوجه بشكل رسمي إلى ترشيح رئيس حكومته رامي الحمد الله، ليكون خليفته بشكل مؤقت حتى تحديد موعد الانتخابات، واستبعاده الأسماء التي كانت مرشحة بقوة للمنصب، ومن بينهم اللواء ماجد فرج وصائب عريقات وسلام فياض.

وتؤكد القيادات الفتحاوية، أن شخصية الحمد الله تحظى بقبول فصائلي جيد ولا يوجد تعارض جوهري عليه، خاصة أن دولاً عربية كانت تضغط على عباس ليكون رجل المرحلة المقبلة من بعده، عقب الخلاف الدائر حول الأسماء المرشحة الأخرى.

وذكرت أن الحمد الله كذلك يتمتع بقبول إسرائيلي ودولي، مشيرةً إلى أن الأيام المقبلة ستكون هامة للغاية في هذا الملف، وقد يعلن عباس عن اسم خليفته بأي لحظة، خاصة بعد انتهاء جدول أعمال المجلس الوطني المثير للجدل، الذي استمر أربعة أيام في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة وسط مقاطعة فصائلية.

حركة حماس، بحسب مراقبين، ستعارض بكل قوة هذه الخطوة؛ وذلك على خلفية التوتر الأخير مع الحمد الله بعد حادثة تفجير موكبه بغزة مطلع شهر مارس الماضي.

وقال القيادي في الحركة سامي أبو زهري: إن “محاولة صناعة رئيس الوزراء رامي الحمد الله كأحد خلفاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فشلت بشكل ذريع”.

لماذا الحمد الله؟

المحلل والكاتب السياسي هاني حبيب رأى أن ملف ترشيح الحمد الله لرئاسة السلطة خلفاً لعباس مخالف للقانون الفلسطيني الأساسي، الذي يمنح المنصب لرئيس المجلس التشريعي الحالي وهو عزيز دويك.

حبيب قال : إنه “في حال تمت تلك الخطوة، وقرر عباس رسمياً تعيين الحمد الله رئيساً للسلطة، فإنه سيواجه موجة غضب ومقاومة كبيرة من قبل الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس، بعد تجاوزه للقانون الفلسطيني”.

ويشير إلى أن الحمد الله ليس عضواً في منظمة التحرير، خاصة بعد رفض كثير من الفصائل والشخصيات الفلسطينية إدخاله في المنظمة، وكذلك لا يملك دعماً شعبياً قوياً مسانداً له في هذا المنصب؛ وذلك كله قد يضعفه ويجعل مكانته مترنحة محلياً.

من جهته أكد طلال عوكل، المحلل السياسي، أن الحمد الله لا يصلح لأن يكون رئيساً للسلطة الفلسطينية حتى لو كان ذلك بشكل مؤقت.

وقال إن الحمد الله لا يحظى بقبول شعبي يدعم خطوة تعيينه رئيساً، معتبراً أن الضغوطات والمخاطر والخلافات ستحيط بالحمد الله فور قرار عباس بتعيينه خليفته.

وأشار إلى أن باب خليفة عباس سيبقى مفتوحاً حتى صدور القرار الرسمي من قبل الرئيس الفلسطيني، وإنهاء الجدل القائم والكبير بهذا الملف الشائك.

وكان موضوع خلافة عباس من المحرمات في الدوائر الرسمية الفلسطينية منذ تسلمه السلطة قبل 14 عاماً.

وعُيّن عباس رئيساً انتقالياً في أعقاب وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات عام 2004، وتمّ انتخابه في العام التالي، لِما كان من المفترض أن تكون ولاية من خمس سنوات.

وأحكم عباس سيطرة حازمة منذ ذلك الحين، رافضاً تسمية خليفة له، وحال الانشقاق السياسي مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) دون إجراء انتخابات جديدة.

وخلص استطلاع للرأي صدر نهاية شهر مارس الماضي أن 68% من الجمهور الفلسطيني يدعم استقالة عباس، وأن 33% فقط ممن شملهم الاستطلاع قالوا إنهم راضون عن أدائه.

رضا إسرائيل

هذا الملف أيضاً لم يغب عن وسائل الإعلام العبرية، فرأى الخبير في الشؤون الفلسطينية في هيئة البث الإسرائيلية، غال بيرغر، أن الحمد الله بات من المرشحين الأقوياء لوراثة الرئيس عباس، وهناك دعم من قبل حركة فتح له.

وتساءل الخبير الإسرائيلي “لماذا الحمد الله؟”، ثم أجاب: “لأنه نظيف (أي لم يتلطخ في قضايا فساد في السلطة) وجامعي، ويعد رمزاً رسمياً، ولا ينتمي لأي معسكر داخل حركة فتح”، مشيراً إلى أن “شعبية الحمد الله وقوته تزدادان في الشارع الفلسطيني، والدلالة أن مسؤولين من حركة فتح بدؤوا يتقربون منه أكثر”.

ولم يكن الحمد الله (60 عاماً) من بلدة عنبتا بمحافظة طولكرم، في شمالي الضفة الغربية، معروفاً في الساحة السياسية قبل تكليفه بتشكيل الحكومة، على إثر استقالة سلام فياض عام 2013.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن