المشوار طويل والهبة ليست مجرد حراك شبابي..

ما نراه ونسمعه ونقرأه حتى الآن على وسائل الإعلام و الفضائيات الفلسطينية من تغطية و متابعة حثيثة لمجريات الهبة الشعبية والأحداث الجارية في القدس والضفة الغربية ونقل الأخبار والتحريض على الإستمرار في مواجهة الإحتلال والمواجهات وبث الروح الوطنية في نفوس الناس وتشجيع الشبان، ونقل بعض عمليات الطعن و عمليات القتل الهمجي والتمثيل البشع في الضحايا لمنفذي الطعن بالسكاكين من قبل الإسرائيليين والمستوطنين والجيش والشرطة، لم يرقى بعد إلى الوحدة الوطنية الحقيقية و هو مجرد وحدة إعلامية فضائية فلسطينية لا تعبر عن حقيقة حالنا المنقسم على نفسه، و جزء كبير منه خدمة لتوجهات حزبية ضيقة.

وإن إتخذ ذلك طابعاً وطنياً و ارتدى المذيعين في بعض الفضائيات للكوفية الفلسطينية وبث الأغاني الوطنية الحماسية، القضية أكبر من شكل ومظهر جميل نظهر به على الشاشة، نحن بحاجة إلى البحث في الجوهر والمطالبة بمراجعة سياساتنا، ومواجهة كي الوعي الداخلي الذي نمارسه على أنفسنا لتحقيق الوحدة الوطنية و إنهاء الانقسام و إعادة البوصلة إلى مسارها الطبيعي، وعدم رفع سقف توقعات الناس بالشعارات، و تضخيم الذات والتقليل من شأن الآخرين، و الإيمان بالآخر مهما بلغ حجمهم وقدراتهم، فما يجري يوضح حقيقة من يقوم بالفعل على الأرض، وإقناع الناس بصدق النوايا و بضرورة تشكيل رأي عام فلسطيني ضاغط لإنهاء الإنقسام.

نحن بحاجة إلى برنامج كفاحي وطني ينطلق من قاعدة أننا حركة تحرر وطني، و ليس متعلق بالشباب الذين هم جزء أصيل منه وعماد النهضة بمشروعنا الوطني، وترديد أن الذي يجري هو حراك شبابي يفرغ النضال الفلسطيني من مضمونه، الهبة أو شبه الهبة ليست حراكاً شبابياً يائس ومحبط، برغم غياب الأمل واليقين عنهم، وأن هذه الهبة وجرأة الشبان هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الطويل ضد الإحتلال، وعلى أطراف الإنقسام أن يدركوا أن غياب الأمل هم المسؤولين عنه من إرتكاب الخطايا بحق الفلسطينيين، وعدم قدرة أهل الإنقسام على إنهاءه، كما عليهم أن يفهموا أن هذا الغضب الكامن في الصدور كان ربما أن يوجه إلى الداخل ضد السلطتين في الضفة وغزة.

المقاومة هي فعل وممارسة، وليست فعلاً عشوائياً أو عفوياً، فالإرادة الشعبية المتمثلة عند الفلسطينيين تعري جميع الفصائل من دون إستثناء، وتثبت عدم قدرتها على إدارة هذه الهبة وتوجيه الطاقات وحيوية والشباب إلى المسار الصحيح، ومن عفوي إلى فعل جماعي يعبر عن رفض الإحتلال، وتغيير الواقع القائم، من خلال التضحية وتعظيم الاشتباك ورفع تكلفة الإحتلال هي التي تجعله يشعر بالخطر على مشروعه الاستعماري الإستيطاني.

وطالما بقي الحال على ما هو عليه وهذا التردد و الإرتباك و غياب الرؤية السياسية، وأهداف الهبة سيبقى من في الميدان مكشوفي الظهر وبدون أي غطاء سياسي، ما يجري يجب أن لا يكون هكذا وكأنه قفز في الهواء، وربما يكون مؤشر لعملية قطع وأفول فصائل غير فاعلة، ولم تقدم المطلوب منها ولم تقنع الناس بفعلها بعد سنوات من فعلها الوطني

على القيادة و الفصائل الفاعلة الكبيرة والصغيرة ان يلتقطوا الفرصة، وأن يجلسوا مع ذواتهم فرادى وجماعات ويقيموا التجربة ومراجعة مسيرة نضالهم ونضال الشعب الفلسطيني، ويجيبوا على السؤال، لماذا لا نستغل هذه الفرصة و ان باب الفرص ليس مفتوحا على مصراعيه؟ ويقدموا إجابات عن توفر الإرادة الشعبية وهم بدون إرادة ومرتبكين وخطابهم الانقسامي متلعثم، ويرفع سقف التوقعات وهم لا يمتلكون الشارع الذي في كل مرة يسبقهم لتصحيح المسار، المشوار طويل والهبة ليست مجرد حراك شبابي، وهذه مرحلة والشباب عمادها.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن