حماس وانتخابات البلدية

الكاتب/ إبراهيم المدهون
الكاتب/ إبراهيم المدهون

هناك من راهن على رفض حماس المشاركة في الانتخابات البلدية التي أعلنتها حكومة الحمد الله، وبنوا توقعهم على قراءة مغلوطة لتوجهات حماس.

وربما تغيرت حسابات الكثيرين بعدما أعلنت حماس تحشيد نفسها وقوتها لصالح إنجاح الانتخابات، رغم تعقيد الواقع الفلسطيني واضطرابه، فمن جهةٍ قطاع غزة محاصر ومضيق عليه، وهناك ماكنة إعلامية تعمل ليل نهار، وتحمّل حماس مسؤولية معاناة القطاع، وتبرّئ الاحتلال والسلطة.

ومن جهة أخرى واقع الضفة صعب جدا بوجود وسيطرة وسطوة الاحتلال، الذي يلاحق ويعتقل ويغتال ويهدم ويقطع الأواصر ويمنع التحركات ويقيم الحواجز، بالإضافة لأجهزة أمنية تنسق مع الجيش الاسرائيلي، وتقوم بحملات اعتقال لكل من يؤيد حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وتصادر الأموال وتفض التجمهرات ولا تسمح لأي مظهر حمساوي مهما كان بسيطا.

لهذا موافقة حماس على انتخابات البلدية موقف شجاع وإيجابي، ويحمل إرادة قوية لإحباط كل حالات الجمود والتيبّس التي دخلت فيها القضية الفلسطينية، بسبب تنصل المجتمع الدولي والإقليمي من نتائج انتخابات 2006، فقبول حماس الانتخابات خطوة لتحريك المياه الراكدة التي تعتري الحياة السياسية الفلسطينية، وتفعل أساليب وأدوات إصلاح الوضع القائم، وإعادة الثقة لرأي الشعب في تحقيق خياراته.

ومع ذلك هناك تفاصيل يجب تحديدها وحسمها كضمان نزاهة العملية وشفافيتها خصوصا في الضفة الغربية، وضمان القبول بها وإعطاء مساحات تحرك للمجالس المنتخبة وآفاق لتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني، مهما كانت النتائج.

قرار حماس تسهيل الانتخابات سينجحها ويمنحها شرعية أوسع، وسيعزز من تكامل المشهد، ويؤكد التزام الحركة باتفاقيات المصالحة رغم تنصل فتح من الكثير من التزاماتها، ودليل أن حماس لا تقف حجر عثرة أمام الحراك الإيجابي الداخلي لترتيب البيت الفلسطيني وتخفيف معاناة الفلسطينيين.

أعتقد أن نجاح انتخابات البلدية والتزام السلطة بالمعايير التي تضمن نزاهتها وشفافيتها، ومن ثم القبول بنجاحها سيمهد الطريق أمام استكمال العملية الانتخابية، أما في حال عدم الالتزام بسير طبيعي وشفاف، فهنا قد تحدث إشكاليات وارتدادات سلبية، فهذه الخطوة تعتبر حجر الزاوية ومفترق الطرق دقيق وخطير.

أعتقد أن حماس لن تتعامل مع الانتخابات بشكل واحد، وستتعامل مع كل بلدية على حدة، فكل محافظة لها أولويتها ورؤيتها، فهناك بلديات ستشارك بقوائم خاصة بالحركة، وأخرى ستدعم مستقلين وثالثة ستتحالف معهم، ولكن قبولها بالانتخابات وتسهيلها هو القرار المركزي، ولهذا جاء بيان الحركة واضح أنها مع الانتخابات وتدعمها وستنجحها، وذلك منسجمٌ مع رؤيتها ومنهجها الداعم للعملية الديمقراطية والانتخابية ولحرصها على التداول السلمي للمراكز والمسؤوليات، وستشارك حماس في انتخابات البلدية بقوائم تضم كفاءات، وهذا يعني أنها لن تدخل المنافسة الحزبية المقيتة، وستعمل على استثمار الفرصة في دعم شخصيات ليست شرطا أن تكون حمساوية، ولكنها مؤهلة للخدمة والنجاح.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن