حي الشيخ جراح.. نقطة اشتعال تهدد بمواجهة عسكرية في شهر رمضان القادم

حي الشيخ جراح.. نقطة اشتعال تهدد بمواجهة عسكرية في شهر رمضان القادم
حي الشيخ جراح.. نقطة اشتعال تهدد بمواجهة عسكرية في شهر رمضان القادم

في 14 فبراير2022 نشرت صحيفة (هآرتس) العبرية مقالا بعنوان “نقطة الاشتعال في القدس الشرقية التي قد تشعل الشرق الأوسط بأكمله”. وفيه كتب الصحفي نير حسون: “عاد الشيخ جراح مرة أخرى إلى كونه نقطة اشتباكات عنيفة، كما حدث قبل حرب العام الماضي بين إسرائيل وحماس”.

وأشار إسرائيليون آخرون إلى مخاوف مماثلة. وحذر رئيس وزراء حكومة الفصل العنصري الإسرائيلية، نفتالي بينيت، وهو نفسه مستوطن يميني، عضو الكنيست اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، الذي أقام في وقت سابق من هذا الشهر مكتبا مؤقتا في خيمة على أرض فلسطينية في الشيخ جراح، من أن هذا الإجراء قد يتسبب في اندلاع فوضى جديدة.

وقال بينيت في 14 فبراير 2022 “لسنا بحاجة إلى استفزازات من أي من الجانبين لتأجيج توترات من أجل مصالح سياسية”.

♦ وساطات إسرائيلية بين بينيت وبن غفير لإخلاء مكتبه بالشيخ جراح لمنع التصعيد

وبالنظر إلى الهجمات الأخيرة التي شنها المستوطنون الإسرائيليون على حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة، والاشتباكات العنيفة مع السكان الفلسطينيين التي تلت ذلك، فإن مخاوف المسؤولين الإسرائيليين ووسائل الإعلام بشأن تكرار الانتفاضة الفلسطينية غير المسبوقة في مايو/أيار الماضي لا تبدو احتمالا بعيدا.

ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، هناك احتمال كبير لوقوع صراع حول القيود الإسرائيلية المحتملة على وصول الفلسطينيين إلى أجزاء من المدينة القديمة والمسجد الأقصى خلال الشهر.

وأدى تصرف بن غفير في الشيخ جراح، حيث تكافح 27 عائلة منذ عام 2008 للحفاظ على منازلهم، إلى اشتباكات عنيفة بين العائلات الفلسطينية وأنصارها من جانب وقوات الأمن الإسرائيلية من جانب آخر. وأصيب عدد من المتظاهرين فيما تم اعتقال آخرين.

وكانت مقاومة العائلات الفلسطينية لاعتداءات المستوطنين هي التي تسببت في قلق الإسرائيليين، خاصة وأن تجدد المقاومة المحلية أدى أيضا إلى ضغط من الدبلوماسيين الأجانب المقيمين في القدس.

سلوك متهور وإفلات من العقاب

وفي الأشهر القليلة الماضية، اعتقدت بعض الأوساط الإسرائيلية أن المقاومة الشعبية في الشيخ جراح قد أُنهكت وضعفت بسبب الحصار الإسرائيلي للحي، وضعف السلطة الفلسطينية، وفشل حماس في انتزاع تنازلات بشأن الحي.

لكن رغبة إسرائيل الواضحة في تجنب المزيد من التصعيد مع الفلسطينيين لا تنبع من أسباب إنسانية. ولا يعد انتقاد بينيت لسلوك بن غفير الاستفزازي من باب أن رئيس الوزراء أقل تطرفا أو عدوانية بشأن إنكار حقوق الفلسطينيين بل لأن بينيت يرى أن سلوك بن غفير موجه ضد حكومته، كجزء من الصراع السياسي الداخلي كما لا يريد بينيت أي اضطرابات قد تحرج حلفاءه الخليجيين الجدد.

وعلى الساحة العربية والدولية، يبدو أن الأمور تسير على ما يرام بالنسبة لـ “بينيت”. وعلى الجبهة الداخلية، فهو مصمم على محاربة المحاولات المستمرة من المعارضة اليمينية لإسقاط حكومته.

وهنا يدفع الفلسطينيون الثمن مرتين، أولا كونهم هدفا لمشروع التطهير العرقي الاستيطاني الوحشي. وثانيا بسبب الاقتتال الداخلي بين معسكري الحكومة والمعارضة على من يكون أكثر وحشية في تنفيذ خطط التطهير.

♦ موقع عبري: رئيس وزراء إسرائيل يخشى أن تؤدي أحداث القدس لتصعيد مع غزة

وفي العام الماضي، لم يتوقع أحد تقريبا مشاهد الانتفاضة الشعبية التي شهدناها في القدس الشرقية، خاصة التي تركزت حول حي الشيخ جراح.

وكان يُعتقد أنه من المستحيل أن تتمكن المقاومة الفلسطينية من التغلب على العقبات الضخمة مثل العقبات المادية المتمثلة في الجدران الفاصلة العالية التي أقيمت خصيصا لتجعل من الصعب على المقاومة توحيد الفلسطينيين في جبهة قتالية واحدة، والعقبات السياسية المتمثلة في التعاون الأمني ​​بين السلطة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

جيل شاب

ولا يعني هذا أننا سنشهد بالضرورة انتفاضة أخرى بنفس النطاق والشدة خلال شهر رمضان المقبل، بالرغم أن جميع الظروف لا تزال قائمة. وربما تحدث مثل هذه الانتفاضة المنتظرة قبل رمضان، أو قد تستغرق شهورا أو أعواما من الآن.

لكن هناك شيء واحد مؤكد، وهو أنه طالما استمر نظام الفصل العنصري الاستيطاني في الظلم والوحشية وارتكاب الفظائع بحق الفلسطينيين، فإن الشعب الفلسطيني سيستمر في المقاومة.

♦ معهد إسرائيلي: أحداث الشيخ جراح قد تشعل مواجهة عسكرية جديدة مع غزة

وفي الأعوام الأخيرة، شهدنا ظهور جيل شاب مناضل ومبدع ورائع في التنظيم ويجيد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتغلب على التشرذم الجغرافي والاجتماعي للوصول إلى جميع الفلسطينيين، أينما كانوا، وكذلك مع العالم الأوسع.

ويبدو أن هؤلاء الشباب قد قرروا عدم انتظار القيادة التقليدية لإنقاذهم، لأنها أثبتت عدم كفاءتها وفسادها. ويبدو أيضا أن هناك ولادة جارية لقيادة جديدة. وسوف يستغرق ذلك وقتا ويتطلب الكثير من الجهد والتضحية، ولكن هذا ما يخبئه لنا المستقبل، مع عدم وجود جهة إنقاذ أخرى في الأفق.

وتبقى الانتفاضات الصغيرة العديدة، التي يقودها الشباب، هي القوة الدافعة وراء تأطير منظمات حقوق الإنسان لإسرائيل كدولة فصل عنصري.

وقد تكون لحكومة الفصل العنصري الإسرائيلية علاقات قوية مع حكومات العالم اقتصاديا وأمنيا. لكن المجتمع المدني العالمي يمر بتحول كبير في الرأي ضد إسرائيل. وفي كل انتفاضة شعبية، ومع كل غارة عسكرية ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، تتعرض إسرائيل لانتقادات من منظمات المجتمع المدني العالمية. وهذا ما يزعج إسرائيل.

ويثق الفلسطينيون، وخاصة النشطاء الشباب، في أن لحظة مثل تلك التي شهدتها جنوب أفريقيا قادمة عاجلا أم آجلا. وهذا الأمل هو ما يغذي شغفهم بالنضال من أجل فلسطين حرة، حيث يمكن أن تسود العدالة والمساواة على أنقاض الكيان الاستيطاني غير الأخلاقي واللاإنساني.

عوض عبد الفتاح – ميدل إيست آي

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن