عوامل وراء فشل استراتيجية المساعدات الإنسانية في اليمن

عوامل وراء فشل استراتيجية المساعدات الإنسانية في اليمن
عوامل وراء فشل استراتيجية المساعدات الإنسانية في اليمن

الوسم يعبر عن إحباط اليمنيين من الإخفاقات في تنفيذ برامج المساعدات الإنسانية الدولية”.. هكذا وصفت الصحفية والناشطة الحقوقية اليمنية “أفراح ناصر” المشاركة الواسعة لليمنيين عبر وسم “أين المال” على شبكات التواصل الاجتماعي، معبرين عن سخطهم إزاء عدم معرفتهم بكيفية الحصول على المساعدات.

وذكرت “أفراح”، في مقال نشرته بـ”المركز العربي – واشنطن دي سي”، وهو مركز أبحاث في العاصمة الأمريكية متخصص بالشأن العربي، أن تقرير يوليو/تموز 2022 حول الاستجابة الإنسانية الأممية للأزمة في اليمن، خلص إلى أن “جودة المساعدات الإنسانية في العديد من المناطق كانت منخفضة بشكل غير مقبول”.

وأضافت أن كثيرا من اليمنيين يشككون في جودة المساعدات الإنسانية الدولية، ويطالبون وكالات المساعدات، الأممية وغيرها، بالشفافية، فيما دأب عدد متزايد من الخبراء اليمنيين منذ فترة على دق ناقوس الخطر بشأن إخفاقات الاستجابة الإنسانية الدولية في البلاد.

وسلطت الناشطة الحقوقية الضوء على 3 عوامل لـ”فشل” استراتيجية المساعدات الإنسانية لليمن، وهي: تركيز المنظمات الإنسانية على الحلول قصيرة الأجل، وإصرارها على الحياد السلبي، وعدم احتوائها للمهنيين اليمنيين بشكل كاف، واعتبرت أن الانتقادات الموجهة إلى المنظمات الإنسانية تؤشر إلى وجود مشاكل خطيرة يجب على المجتمع الإنساني الدولي معالجتها لتخفيف المعاناة في اليمن.

وأوضحت أن استراتيجيات المنظمات الإنسانية في اليمن تميل إلى التركيز على تنفيذ أجنداتها الخاصة، والتي عادة ما يكون لها تأثير مؤقت قصير المدى، وتهدف بشكل أساسي إلى إرضاء الجهات المانحة وتلبية توقعاتها فقط.

لكن بالنسبة لليمنيين، فإن هذه الاستراتيجيات لا تعالج جذور المشكلة، وتفشل في توفير حلول طويلة الأجل للقضايا الإنسانية المستمرة.

وضربت “أفراح” ببرنامج الغذاء العالمي في اليمن مثالا بارزا على فشل استراتيجيات المساعدة الإنسانية في اليمن، مشيرة إلى أن فوز البرنامج بجائزة نوبل للسلام عام 2020 أصاب عديد اليمنيين بالصدمة، بالنظر إلى عمل البرنامج المعيب في البلاد.

فالبرنامج متهم بترك الطعام يتعفن في مستودعاته المحلية وإرسال طعام فاسد إلى اليمن، وأسفر أسلوب عمله عن نتائج مأساوية، أوصلت قطاعات واسعة من اليمنيين إلى حافة المجاعة.

ومع استمرار الصراع بالبلاد، ظهر المزيد من الميليشيات المسلحة وازدهر اقتصاد الحرب، وتحول “حياد” المنظمات الإنسانية الدولية إلى “صمت مأساوي بشأن ممارسات الجماعات المسلحة التعسفية ضد العمل الإنساني وعرقلة المساعدات الإنسانية”، بحسب تعبير الناشطة الحقوقية.

وأشارت إلى أن وكالة “أسوشيتد برس” نشرت تحقيقا معمقا يوضح بالتفصيل الانتهاكات الخاصة بالمساعدات، التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع، ومع ذلك أخفقت مجموعات المساعدة الإنسانية الدولية في إدانة هذه الانتهاكات.

وشددت الناشطة الحقوقية على أن “ما يحتاجه اليمنيون من عمال الإغاثة الإنسانية الدوليين أثناء وجودهم في مناصبهم هو تسمية الجماعات المسلحة المسؤولة عن تفاقم الأزمة الإنسانية وفضحها”.

واقترح المقال أن تكون نقطة الانطلاق المحتملة لهذا الجهد هي “إدانة القيود التي تفرضها جماعة الحوثي على النساء، بما في ذلك العاملات بمجال المساعدات الإنسانية (اليمنيات والأجانب)، اللواتي يجبرهن الحوثيون على أن يكون لهن وصي ذكر عند السفر للعمل داخل اليمن”.

ولأن غالبية سكان اليمن يعيشون في مناطق تسيطر عليها جماعة الحوثي، فإن غالبية العمل الإنساني في البلاد يتم في تلك المناطق، وبعدما أدرك قادة الجماعة أن المساعدات الدولية يمكن أن تكون أداة قوية، أنشأوا في عام 2019 هيئة إنسانية مملوكة لهم، تسمى “المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي”، وهي هيئة تشير “أفراح” إلى أنها تهدف إلى “تقديم معلومات استخبارية إلى كبار مسؤولي الحوثيين حول مجموعات المساعدات الإنسانية المحلية المستقلة، وفرض مئات القيود على منظمات الإغاثة المحلية والدولية، وفرض الضرائب أو خصم الأموال من المساعدات”.

فالهيئة تحتكر جميع أعمال المساعدات الإنسانية اليمنية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، “ما يعني أن أي منظمات مدنية تحاول القيام بأعمال الإغاثة “يجب عليها أن تلتزم بقواعد ومتطلبات سلطات الحوثيين، ويجب أن تخضع لإشرافهم الكامل”، حسبما أكدته الناشطة الحقوقية اليمنية.

وأشار “أفراح”، في مقالها، إلى أن تبني أغلب المنظمات الإنسانية لنهج الحياد السلبي جعلها خاضعة في الغالب لأوامر الحوثيين، بما يسمح للجماعة المدعومة من إيران بـ “الاستفادة” من المساعدات المخصصة للأفراد والمنظمات المحلية.

وشددت “أفراح” على أن معالجة عوامل فشل استراتيجيات المساعدات الإنسانية في اليمن يقتضي عمل المنظمات الدولية لـ”القضاء على الفساد، وإعادة تقييم استراتيجياتها وممارساتها، وإشراك الشركاء والخبراء المحليين بدرجة أكبر”، لافتة إلى أن فقدان سبل العيش، بسبب الصراع المستمر في اليمن، دفع الملايين إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية، في بلد يصنف على مدى عقود قبل الصراع على أنه أفقر دولة في العالم العربي.

ودعا المقال المنظمات الدولية إلى إشراك المزيد من عمال الإغاثة الإنسانية اليمنيين في الجهود المبذولة في اليمن الذين لديهم معرفة محلية واسعة لأنهم “الأقدر على تحديد احتياجات مجتمعاتهم واقتراح الحلول الممكنة”.

وترى “أفراح” أن العاملين المحليين في المجال الإنساني اليمني يمكنهم الترويج “لأفضل التكتيكات والاستراتيجيات الممكنة لتحفيز الحوثيين والجماعات المسلحة الأخرى والضغط عليهم لتغيير سلوكها”.

ويصنف تقرير المساعدة الإنسانية العالمي لعام 2021 اليمن على أنه ثاني أكبر متلق للمساعدات الإنسانية الدولية في العالم، ومع ذلك لا يزال الوضع الإنساني في اليمن مريعا، إذ تشير التقديرات إلى أن أكثر من مليوني طفل يمني دون سن الخامسة سيعانون من سوء التغذية الحاد في عام 2022، وأن ما يقرب من 19 مليون شخص في اليمن سيعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وإزاء ذلك، فإن ملايين الأطفال، الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، معرضون لضرر لا رجعة فيه لصحتهم المستقبلية ونمو دماغهم، بما يشمل احتمالات “توقف النمو” كليا.

كما أن عدد الأطفال المتسربين من التعليم في اليمن آخذ في الارتفاع، متجاوزا المليونين، بالإضافة إلى وجود أكثر من 8 ملايين امرأة وفتاة في سن الإنجاب بحاجة ماسة للحصول على خدمات الصحة الإنجابية.

وفي المجمل، يورد تقرير البنك الدولي، الصادر في يونيو/حزيران 2022، أن ما بين 71 و 78% من اليمنيين يعيشون في حالة فقر.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن