مواجهة واقعنا تبدأ من داخلنا

الكاتب / مازن صافي

كثيرة هي الصعاب التي تواجه الإنسان، وكثيرة هي الحيرة تجاه ما يعلق في الذاكرة من صور وأحداث وتفاعلات، وهذا يشكل الضغط العصبي والنفسي على الإنسان، ومن أصعب المواقف التي يمكن أن تشكل تحديا له حين يبرز عجزه عن المواجهة أو المعالجة او التحليل أو التفسير، والأصعب حين يعجز عن التعبير عن غضبه وعن الكبت الذي يشعر به فيأخذ في نفسه صفه “الانطواء” أو “الانهزامية” .

التوتر قد يحدث في ساعة او في يوم او في أسبوع أو نتيجة لتوالي المواقف الصعبة والمصيرية أو التي تعيد تشكيل الذاكرة المؤلمة داخله بحيث تطفو على السطح مكونة الخوف والغضب ومشاعر العجز.

وكلما كان تأثير العقل أقوى من تأثير العاطفة، كلما استطاع الإنسان ان ينجو بنفسه من الآثار السلبية، وكلما كان هناك ترابط أسري أو نقابي أو ملتقيات أو مجموعات، فإن هذا يشكل عوامل حماية للشخص وربما تمثل له الأمان.

ان النسب المتوفرة من المستشفيات تشير إلى زيادة الإصابة بأمراض القلب والشرايين بين أوساط الأشخاص صغار السن أو في عمر الشباب، مما يكسر المعادلة التي تعتمد على السن أو العوامل المرضية، فبالتالي فإن تفسير الإرهاق البدني والذهني والضوضاء وكثيرة ضغوط العمل والصعوبات الاقتصادية قد تؤدي الى تحويل المشكلة النفسية إلى مشكلة عضوية تبرز على هيئة مرض، وهذا يعني ان الشخص المصاب قد ضعف أو فشل في مقاومة خطر التوتر.

ولكي نزيد من مقاومة خطر التوتر الذهني والعضلي يجب أن يكون لدينا القدرة على المواجهة، حيث أن الحديث الصريح للشخص المصاب بالتوتر بما يعتمل بداخله ويسبب له التوتر يكون بمثابة “التفريغ النفسي” وهو أول خطوة للتخلص من التوتر وإخراج المريض من الحالة النفسية التي فرضها عليه والتي يظن المريض أنها جزء أساسي من حياته النفسية، وكما انه ينصح في حال التعرض لحدث ما أن يعبر الإنسان عن نفسه، مثل الضحك في حال الفرح أو البكاء في حال الحزن فهذه الدموع “الثمينة” تحوي كمياويات تنتج عن شعور الشخص بالاغتمام والتخلص من هذه الكيماويات بواسطة البكاء خاصة يسبب لنا الراحة، وهناك دراسات تقول أن حبس التنفيس عن مشاعر الحزن وعدم القدرة عن التفريغ بالدموع قد يؤدي الى إصابة الإنسان بالأمراض السرطانية .
ويجب على كل إنسان أن يكون له صديق يثق به سواء قريب أو بعيد أو في نفس المكان أو بعيد عنه، لأن الثقة بشخص ما والتحدث إليه عن سبب التوتر يكون بمثابة “التفريغ النفسي” او ما يسمى بـ”آلية النقل”، فهذه المشاعر تنتقل من الشخص إلى الآخر أي تقاسم الألم معنويا، وهذا يجعل المريض أكثر اطمئنانا ويعيد له الثقة بنفس مع زوال المسبب او ضغط الحدث.
وكلما استطاع أن يفهم المريض حالته النفسية وأسبابها، فهذا يعني قدرته على الواقعية والتأقلم وعدم الوقوع في حالة مفرغة، وكما ينصح بممارسة الرياضة وخاصة المحببة للشخص نفسه، وتفضل المجهودات العضلية او ممارسة الاسترخاء للتخلص من التوتر، وهذا يتطلب أن يكون هناك معرفة مسبقة بمبادئ ممارسة الاسترخاء، وعادة يعتمد ذلك على التنفس السليم، وكما أن النشاط الذهني والتأمل له القدرة على تهدئة الحالة النفسية للشخص، مما يؤدي إلى الاسترخاء الذهني وتخفيف الضغط عن الإنسان، وهنا ينصح بعدم اللجوء إلى المهدئات الدوائية بصورة فردية لأن ذلك يقتل فرصة الاسترخاء الذهني ويعوق المخ عن التعبير، وكما أن ممارسة النشاط الفني أو الهواية المفضلة تساعد كثيرا على التخلص من التوتر، وكما أن قراءة ورد يومي من القرآن الكريم والحفظ وقراءة قصص النجاح للآخرين، وأخيراً فإن شرب السوائل والتغذية السليمة يمكن ان تساعد في تجاوز الوضع النفسي للإنسان.

ملاحظة: إن اللجوء إلى تناول المهدئات الدوائية بصورة منفردة يؤدي إلى الإدمان وتفاقم الحالة وتلقي بظلال سوداء على واقع الشخص داخل مجتمع ويتحول إلى عنصر سلبي فيه .

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن