الأسرى المرضى وسياسة الموت البطيء…

تمارا حداد
تمارا حداد

بقلم الكاتبة والناشطة النسوية الفلسطينية : تمارا حداد

يعيش الاسرى المرضى داخل السجون الاسرائيلية أوضاعاً استثنائية صعبة وتستمر إسرائيل في مماطلتها في تقديم العلاج اللازم لهم، فسياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى المرضى تُهدد أجسادهم وتنال من كرامتهم وحقهم في الحياة والعيش الكريم.

حيث وصل عدد الاسرى المرضى ما يزيد عن 750 أسير مريض فيما بينهم نحو 200 أسير بحاجة لتدخل عاجل، بينهم 34 يعانون من مرض السرطان وآخرين بامراض خطيرة ومزمنة، وبحاجة لعمليات جراحية لانقاذ حياتهم، و70 اسير يعانون من اعاقات جسدية ونفسية وحسية بالاضافة الى وجود عشرات الجرحى والمصابين نصفهم تمت بعد اصابتهم بعد اطلاق الرصاص الحي عليهم خلال عملية الاعتقال، فيما فقد بعضهم القدرة على الحركة في ظل استمرار سياسة الاهمال الطبي المتعمد.

قضية الأسرى المرضى من اصعب القضايا الحالية فهي قضية وطن تحتاج الى اسناد وان يصبح هذا الإسناد ثقافة في عقول أبناء الشعب الفلسطيني والعربي، وبحاجة قضيتهم الى التفاف جماهيري يُساعد في نُصرتهم.

قضية الاسرى المرضى فاقت الخطوط الحمراء حيال الانتهاكات بحقهم، من قمع وظلم وإهمال وعزل عنصري فاشي، ومن أبرز هذه الانتهاكات التي يتعرض لها الاسرى المرضى:-

1. الإهمال الطبي المتعمد والبطء في تقديم العلاج اللازم للاسرى المرضى.

2. معالجة الاسرى المرضى بشكل عام بقرص الاكامول وقد لا يتلائم هذا القرص لكافة اشكال الامراض التي يعاني منها الاسرى المرضى، فمريض السرطان بحاجة لعلاج كيماوي وصور طبقية، ولكل مرض بحاجة لعلاج معين.

3. عدم وجود أطباء اختصاصيين داخل السجن، كأطباء العيون والأنف والأذن والحنجرة، والمرض النفسي.

4. عدم توفر المستلزمات الطبية الخاصة للاحتياجات الخاصة.

5. عدم توفر أغذية تتناسب مع مرضى السكري، والضغط، والقلب، والكلى، وغيرها.

6. عدم نقل الأسرى المرضى في سيارات إسعاف مجهزة ومريحة.

7. يعاني الأسرى المرضى من غرف مكتظة لا تتلائم مع الاحتياج الادمي.

8. استخدام العنف والاعتداء على الأسرى، بما فيهم المرضى.

9. تعاني الأسيرات من عدم وجود أخصائية أمراض نسائية.

10. عدم توفر طبيب اطفال للاسرى الاطفال.

11. محاولة تجنيد بعض الاسرى المرضى وابتزازهم بتقديم العلاج مقابل المعلومة.

امراض مزمنة داخل السجون بحاجة لعلاج حقيقي:-

من الأمراض المزمنة التي يعاني منها الأسرى المرضى السرطان، والفشل الكلى، والقلب، والغضروف، وضغط الدم، والسكر، والروماتيزم، وضعف النظر، أمراض المعدة والأمعاء، والشلل، وأمراض الدم والعظام، والعيون، والرئتين، وأمراض الجهاز الهضمي والبولي والتناسلي والأمراض الجلدية.

شهداء داخل السجون الإسرائيلية:-

وصل عدد الشهداء داخل السجون الاسرائيلية الى 222 أسير شهيد من بينهم أسرى مرضى، جائتهم المنية بسبب الإهمال الطبي المتعمد أداة ووسيلة ترمي إلى تعريض الأسير للموت البطيء، دون مراعاة للقوانين والأعراف الدولية والقواعد الإنسانية والأخلاق المهنية التي تحكم مهنة الطب وترعى حقوق الأسرى.

دور المؤسسات الدولية والصليب الأحمر:-

يُحتم على كل من المنظمات والمؤسسات الحقوقية والصحية وعلى رأسها الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة أطباء بلا حدود والمؤسسات الحقوقية الدولية متابعة احوال الاسرى المرضى باتجاه تحقيق أدنى متطلبات الحياة وفق معايير حقوق الإنسان ومتطلباته الإنسانية ويتمحور دورها وفق التحرك التالي:-

1. الضغط على الاحتلال من اجل توفير الرعاية الصحية الكاملة للأسرى المرضى.

2. إرسال مندوبين طبيين لمتابعة الحالات المرضية الصعبة وعمل الإجراءات الطبية اللازمة.

3. تنظيم وفود طبية دائمة لتوثيق الحالات المرضية والأمراض بين المعتقلين داخل السجون الصهيونية.

4. توفير المستلزمات الطبية والعلاجات اللازمة بشكل دائم وإدخالها للأسرى.

حق الاسير في العلاج:-

حق الأسير في الحصول على العلاج وان تجرى له فحوصات دورية وبانتظام مرة كل سنة حسب المادة في اتفاقية جنيف الرابعة (م90,91) والتي كفلت حق العلاج والرعاية الطبية وتوفير الأدوية المناسبة للأسرى المرضى.

المطلوب:-

ما يجري داخل قضبان المعتقلات الاسرائيلية من إذلال ومجاوزة لكل أعراف أهل الأرض وديانات السماء والاتفاقيات والمواثيق الدولية بحق الاسرى المرضى، يُحتم على الجميع اتباع سياسة أعمق وأقوى ورؤية ممنهجة للاهتمام بالأسرى المرضى.

على الصليب الأحمر أن يستعمل أسلوبا ضاغطا ضد الاحتلال ويتحمل مسؤولية أكبر تجاه الأسرى المرضى، ويجب استنهاض الطاقات وأيدي العمل الحقوقي والإنساني من أجل دعم وإسناد الأسرى لانتزاع حقوقهم من أنياب السجان.

استمرار مماطلة اسرائيل بتقديم العلاج يستدعي من المجتمع الدولي وقفة جادة بتحمل مسؤوليتها تجاه الأسرى والأسيرات المرضى وان تنفذ المواد التي أقرتها لحمايتهم وحماية حقوقهم.

ختاماً:-

يجب الاهتمام بملف الأسرى المرضى هم بحاجة الى التضامن أو الاستنكار والدعاء، وإنقاذ حياتهم من العبث والاستهتار المتعمد من قبل إدارة السجون، ووقف سياسة الموت المؤجل بحقهم الذي يخالف الأعراف وكافة الشرائع السماوية والأرضية التي احترمت حرية و آدمية الإنسان وكرامته…

على الجميع أن يتركوا ألوانهم وان يجعلوا ضميرهم مرجعهم ومصدرهم لرفع ذات الإنسانية في نفوسهم ليعملوا بما يليق بكرامة الأسرى، فهم الشموع التي لا تنطفئ والخيوط الذهبية التي تنبعث من شمس الحرية وحجارة الصوان لإنارة طريق الظلام….

فالقلم يعجز عن الكتابة من شدة الألم، فللاسرى سلام ولن يطول الانتظار فالصبح آت لا محالة وسيشرق فجرهم وشعاعهم، وسيضيء الشمع فرحا لان رؤوسهم مرفوعة وفلسطين اكبر مثال وستبقى قضيتهم رمز الصمود والإصرار وسيستمدونها من الأحرار خلف القضبان..

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن